ما يترتّب على تصوّر المعلول على الوجه الجزئي قبل الايجاد يترتّب على أصل علمه ـ تعالى ـ الّذي هو عين ذاته ـ تعالى ـ ، فذات العلم هاهنا مقدّم على الايجاد دون تعقّله.
ولا يخفى ضعف هذا الكلام أيضا! ، لانّه لو سلّم إنّ ذات العلم الّذي هو الواجب من دون انكشاف المعلول عنده يكفي في ايجاد المعلول فمن أين يندفع حديث لزوم جهله ـ تعالى ـ بالمعلول في مرتبة ذاته ولزوم نفى اختياره ـ تعالى ـ بالنسبة الى ما يصدر عنه ـ تعالى ـ؟! ؛ ومن البديهيات العقلية انّ عدم علمه ـ تعالى ـ بالمعلول في مرتبة ذاته وصيرورته عالما به إذا وجد نقص في حقه ـ تعالى ـ. على أنّه مستلزم للتجدّد والتغيّر في صفة العلم لحدوث الانكشاف بعد ما لم يكن ، بل في ذاته ـ لكون العلم من الصفات الحقيقية الّتي هي عين الذات ـ.
فان قيل : العلم بمعنى الانكشاف اضافة عقلية ولزوم التجدّد فيه لا يوجب التجدّد في العلم الّذي هو عين الذات ـ أعني : كون الذات بحيث لو وجد شيء منكشفا عنده ـ ، والتجدّد والتغيّر في مجرّد الاضافة العارضة بعد وجود المعلوم لا منع فيه ؛
قلنا : لو سلّم انّ تجدّد الحضور والانكشاف وإن لم يوجب التجدّد في حقيقة العلم الّذي هو عين الواجب إلاّ انّه يوجب تجدّد نسب الأوقات واجزاء الزمان بالنسبة إلى الواجب الحقّ مع انّه ـ سبحانه ـ مجرّد منزّه عن الزمان والزمانيات ، ونسبته إلى جميع الأوقات والأزمنة واحدة كما أنّ نسبته إلى جميع الأحياز والأمكنة متساوية.
ثمّ إنّ بعض الأعاظم قد أتى بكلام طويل لبيان أنّ عدم تقدّم الاضافة الاشراقية على وجودات الأشياء ومقارنتها معها وعدم كون الأشياء منكشفة لديه في مرتبة ذاته لا يوجب أيضا نقض في حقّه ؛ فقال : انّ الواجب ـ تعالى ـ لمّا كان مجرّدا عن المادّة والقوّة غاية التجرّد فيكون عقلا وعاقلا ومعقولا ، ولمّا كانت الممكنات بأسرها مستندة إليه ـ تعالى ـ بحيث لا يقدح صدور هذه الكثرة عنه في وحدته الحقّة فذاته علّة تامّة لجميعها ونسبته إلى جميعها ـ سواء كانت مفارقات أو مادّيات ـ نسبة واحدة ايجابية عقلية ، وليست فيه جهة امكانية ، فلكلّ شيء وإن كان من الحوادث الزمانية نسبة وجودية إلى ذاته ـ تعالى ـ ، وامكانه انّما هو بالنسبة إلى نفسه وإلى قابل ذاته. وبالجملة ففاعليته و