بالاعتبار ؛ وانّما التفاوت في مجرّد اللفظ. فاذا كان معقولية ذاته مبدأ لمعقولية سائر الأشياء وانكشافها لديه ـ كما أنّ وجوده مبدأ لوجودها مرتبطة به منتسبة إليه على الترتيب السببي والمسببي وكان ترتّبها الوجودي الصدوري هو بعينه ترتّبها العقلي الشهودي ـ كان ذاته ـ تعالى ـ علما بجميع الموجودات وكان ذاته أولى بان يسمّى علما بالموجودات العينية من الصور الحاصلة عنها في الأذهان ، لانّ معلوميتها بالصور معلومية بالعرض ـ كما سبق ـ ، ومعلوميتها بسبب معلومية ذاته بذاته الّذي هو مبدأ لوجودها على نعت الانكشاف والظهور لديه ومنشأ لصدورها على وصف الحضور والمنقول بين يديه معلومية بالذات. ولا شكّ في أنّ ما يعلم به الشيء بالذات أولى بأن يسمّى علما بذلك الشيء ممّا يعلم به ذلك الشيء بالعرض ففي علمه بالكلّ كثرة حاصلة بعد الذات والكلّ بكثرته منكشف له بوحدته ، وبذاته يعلم جميع الموجودات لا بغيره ، فذاته علم بجميع الأشياء ؛ انتهى.
وأنت خبير بأنّ حاصل كلامه انّ العلم بمعنى انكشاف الأشياء بالفعل ليس كمالا له ـ تعالى ـ حتّى يجب تحقّقه في مرتبة ذاته ، فلا مانع من تحقّقه بعد ذاته ـ أعني : عند وجودات الأشياء ـ ، والعلم الّذي هو كمال له ـ تعالى ـ هو كون ذاته في مرتبة ذاته بحيث ينكشف له المعلومات من غير افتقار إلى شيء آخر بمعنى انّه متمكّن من ايجادها منكشفة عنده ظاهرا لديه ، فكما أنّ ذاته وعلمه بذاته علّة لعلمه بها بل كما انّ ذاته عين علمه بذاته فكذا وجودات الأشياء عين علمه ـ تعالى ـ بها. وعلى هذا فكما يجب تأخّر وجودات الأشياء عن وجوده ـ سبحانه ـ فكذا يجب تأخّر علمه بها عن ذاته ؛ هذا كلامه.
ويرد عليه : انّ انكشاف الأشياء عنده ـ تعالى ـ كمال مطلق للموجود بما هو موجود ، فعدم تحقّقها في مرتبة ذاته نقص في حقّه ـ كما مرّ ـ.
وأيضا : يلزم تجدّد الانكشاف وتغيّره ، وهو وان لم يوجب التجدّد والتغير في الذات ـ لكونه صفة اضافية ـ إلاّ انّه ـ كما تقدّم ـ يوجب تجدّد نسب الأوقات والازمان إلى الله ـ سبحانه ـ مع كونه مجرّدا مقدّسا عن الأوقات متعاليا عن الزمان والزمانيات.
وأيضا : قد تقدّم انّ حقيقة الانكشاف مغاير للوجود الخارجي ، فلا معنى للحكم