وممّا يدلّ على ما ذكرناه انّ العلاّمة الخفري مع قوله بالعلم الاجمالي ـ كما نقلنا كلامه ـ قال في آخر كلامه : وخلاصة ما حصل من الأبحاث المذكورة انّ علم واجب الوجود الاجمالي الّذي هو عين الذات يعلم به جميع خصوصيات الجزئيات وأحكامها كما يعلم به جميع الصور الكلّية ، ولا دخل للزمان فيه ولا يعتبر فيه أصلا. وأمّا العلم التفصيلي الّذي بعده فهو عين الموجودات عند المحقّق الطوسي ، ويعبّر عنه عند البعض بتعلّق العلم القديم وعند البعض بالرؤية العينية. وهو انّما يكون باعتبار الزمان وفيه تغيّر ما بحيث لا يوجب نقصا ، فانّ ذلك التغيّر ليس في العلم بالذات ، بل إنّما يكون في العلوم من حيث هي معلومات ، فالتغيّر بالحقيقة وبالذات انّما هو في المعلومات ؛ انتهى.
وهذا الكلام كما ترى صريح في أنّ العلم الّذي يوصف بالاجمالي يعلم به الاشياء مفصّلة وإنّ علم الواجب ـ تعالى ـ منحصر بهذا العلم وهو غير متغيّر أصلا ، وما هو متغيّر ليس بعلم. والعلم الّذي يوصف بالتفصيلي هو المعلوم التفصيلي ولذا يكون حادثا متغيّرا وليس علما للواجب ـ تعالى ـ. وعلى هذا لا يكون ما هو علمه حقيقة وما هو مناط علمه على قسمين عنده ـ كما ظهر ذلك من كلامه السابق ـ إلاّ أنّ كثيرا من كلماته الأخر أيضا يدلّ على ذلك ـ أي : على انّ للواجب علمين ـ ، فلعلّ كلامه لا يخلو عن مسامحة ؛ هذا وأورد على هذا الوجه منه ما أورد على العلم الاجمالي ووعدناك بانّا نجيب عنه هناك ؛ وهو : انّه كيف يكون لشيء واحد بسيط غاية الوحدة والبساطة صورا علمية مختلفة متكثّرة؟ ، وكيف يكون انكشافه انكشافا لأشياء متكثّرة متباينة الحقائق؟ ، وحديث الانطواء والاندراج ليس المراد منه إلاّ مجرّد المعلولية واللازمية ، فكيف يتميز الاشياء بمجرّد هذا الانكشاف وانّها لم توجد ماهياتها بعد؟ ، وهل هذا إلاّ تمايز المعدومات الصرفة؟!.
والجواب / ١٦٠ DB / ـ على ما سبق ـ : انّه كما انّ حضور الشيء عند المجرّد القائم بالذات مصحّح لانكشافه عنده فكذا حضور علّته عنده مصحّح لذلك ، / ١٦١ MB / كيف لا وهو أقوى في باب الانكشاف من حضور المعلوم بنفسه. وكما أنّ الصورة العلمية المخصوصة بشيء غير ذلك الشيء كذلك المقتضي لخصوصية شيء غير ذلك الشيء ، لانّ