الشيء هو الصورة فيكون العلم الحقيقي هو الصورة الحاصلة الّتي هى معلومة بالذات ، فعلى القول بالعلم الحضوري ـ على نحو ما ذكروه ـ يكون العلم الحقيقي الّذي هو الحاضر بالذات هو الموجود العيني الّذي هو المعلوم بالذات ؛ وعلى القول بالحصولي يكون العلم الحقيقي الذي هو الحاضر بالذات هو الصورة الحاصلة الّتي هي المعلومة بالذات ، والأمر العيني معلوم بالعرض ؛ ولذا قيل : العلم بهذا المعنى هو الصورة الحاصلة عند المدرك ، بل الشيء الحاضر عنده ، أو غير الغائب عنه.
وهو بهذا المعنى قد يكون جوهرا ـ ان كان المعلوم جوهرا ـ ؛ وقد يكون مندرجا في مقولة الكيف أو في أيّة مقولة كانت بحسب اندراج المعلوم فيها ـ على اختلاف القولين في تعاريف المقولات ـ ؛ وقد لا يكون مندرجا في مقولة أصلا ، كعلم المبدأ ـ تعالى ـ بذاته ، فانّه عين ذاته ، فلا يندرج في مقولة / ١٦٣ DB / أصلا. وذلك لأنّ الجوهر ماهية إذا وجدت كانت لا في موضوع ، ولمّا كانت ذات واجب الوجود عين الوجود القائم بالذات لا ماهية يعرض لها الوجود لا يكون مندرجا تحت مقولة. وبالجملة على مذهب الشيخ الالهي والمحقّق الطوسي يتّحد العلم والمعلوم لا العلم والعالم ، فيكون علم الواجب بذاته ـ عين ذاته ـ لكون المعلوم نفس ذاته وعلمه بمعلولاته عين معلولاته. وقد صرّح بذلك المحقّق في شرح الاشارات حيث قال : « قد علمت انّ الأوّل ـ تعالى ـ عاقل لذاته من غير تغاير بين ذاته وبين عقله لذاته في الوجود إلاّ في اعتبار المعتبرين ـ على ما مرّ ـ ، وحكمت بأنّ عقله لذاته علّة لعقله لمعلوله الأوّل. فاذا حكمت بكون العلّتين ـ أعني : ذاته وعقله لذاته شيئا واحدا في الوجود من غير تغاير فاحكم بكون المعلولين أيضا ـ أعني : المعلول الأوّل وعقل الأوّل تعالى له ـ شيئا واحدا في الوجود من غير تغاير. وكما حكمت بكون التغاير في العلّتين اعتباريا محضا فاحكم بكونه في المعلولين كذلك ، فانّ وجود المعلول الأوّل هو نفس تعقّل الأوّل ـ تعالى ـ إيّاه من غير احتياج إلى صورة مستأنفة ـ جلّ ذات الأوّل تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ.
ثمّ لما كانت الجواهر العقلية تعقل ما ليس بمعلولات لها لحصول صور فيها ولا موجود إلاّ وهو معلول للأوّل الواجب وكان جميع صور الموجودات الكلّية والجزئية ـ على ما