مبنى القول الأوّل ـ يكون له وجه. وأمّا حيثية الوجود في الخارج فعلى تحقيق المحقّق عين حيثية المعلومية ، وليس بينهما مغايرة أصلا. فالقول بتقدّم / ١٦٥ MA / إحداهما على الأخرى ـ كما هو مبنى القول الثاني ـ لا يكون له وجه ». ثمّ قال : « واندفاعه بأن يقال : الصادر الأوّل إنّما كان مسبوقا بالعلم الاجمالي المذكور الّذي هو علم بجميع المعلولات » ؛ انتهى.
وعلى هذا التوجيه فيكون المراد من العلم الّذي صرّح المحقّق في شرح الاشارات بانّه عين الصادر الأوّل والتغاير بينهما اعتباري كالتغاير بين ذات العلّة والعلم بنفسها هو العلم التفصيلى الّذي هو مع الايجاد دون العلم المتقدّم على الايجاد ، إذ العلم المتقدّم هو الاجمالي. وأنت قد عرفت فساد القول بالعلم الاجمالى ، سيّما الاجمالي على الاحتمال الثاني الّذي قال به الخفري ونسبه الى المحقّق أيضا.
ثمّ قال : « والتحقيق أن يقال : إنّ العلم الّذي هو عين ذاته علم تفصيلي بالنسبة إلى الصادر الأوّل واجمالي بالنسبة إلى الجميع ؛ أمّا الأوّل فلأنّ نسبة العالم بذاته المقتضى لخصوصية الشيء إلى الشيء الّذي يتميّز به كنسبة الصور الإدراكية المخصوصة للشيء الّذي يتميّز بها إليه ؛ وأمّا الثاني فلما مرّ. قال الشيخ في الشفا : واعلم! ، انّ المعنى المعقول قد يؤخذ من الشيء الموجود وقد تكون الصورة المعقولة غير مأخوذة عن الموجود ، بل بالعكس ؛ كما انّا نعقل صورة / ١٦٤ DB / بنائية بجزء منها ثمّ تكون تلك الصورة المعقولة محرّكة لأعضائنا إلى أن يوجد ، فلا يكون وجدت فعقلناها ولكن عقلناها فوجدت ، ونسبة الكلّ إلى العقل الأوّل الواجب الوجود ـ كنسبة البنّاء إلى الصور البنائية ـ سواء ؛ هذا. فاعلم ذلك فانّ الغائب في ظنّ الشاهد الحاضر » ؛ انتهى.
وأنت خبير بأنّ ما ذكره هنا من أنّ نسبة العالم بذاته المقتضي لخصوصية الشيء إلى الشيء الّذي يتميّز به كنسبة الصور الإدراكية إلى ذوات الصور العينية الّتي يتميّز بها رجوع إلى الحقّ الصراح الّذي نحن قرّرناه واخترناه ؛ الاّ أنّ ذلك ـ كما علمت ـ لا تخصيص له بالصادر الأوّل ، فانّ الواجب ـ تعالى ـ عالم بذاته ومفيض لخصوصيات جميع الأشياء ، فنسبته إلى الأشياء بأسرها كنسبة الصور الادراكية للأشياء