لا يجب أن يكون سابقا على الايجاد ـ ، فيكون الموجودات الخارجية عين العلم ويكون انكشافها معها. ويتحد العلم والمعلوم حينئذ ، فلا تكون الموجودات منكشفة قبل الوجود ، فلا يكون ايجادها ايجاد المنكشف بذاته ، فلا يكون العلم ايجاد المنكشف بذاته عنده ، بل الموجود المنكشف بذاته.
ووجه اندفاعه ظاهر ؛ وهو : انّ مراد المحقّق انّ العلم التفصيلي هو الوجود المنكشف والعلم الفعلي ـ الّذي صرّح القوم بتقدّمه وعبّروا عنه بايجاد المنكشف بذاته ـ هو العلم الاجمالي ؛ فلا منافاة.
وقيل : وجه الاندفاع انّ ما صرّح به القوم في معنى العلم هو معنى العلم المصدري ، ومراد المحقّق هو العلم الحقيقي ؛ فلا منافاة.
وقيل : وجه الاندفاع انّ مراد القوم من ايجاد الموجودات في تعريف العلم هو الموجودات الموجدة ، كما وقع في عباراتهم من أنّ المراد من حصول القدرة في تعريف العلم هو الصورة الحاصلة.
وعلى ما اخترناه وقرّرناه لا يخفى جلية الحال في هذا السؤال وهذه الاجوبة.
الفرقة الثالثة ـ وهم الّذين قالوا انّه تعالى لا يعلم الجزئيات المتشكّلة والمتغيّرة ـ. فاحتجوا على الأوّل ـ أعني : عدم علمه بالجزئيات المتشكّلة ـ : بأنّ ادراكها انّما يكون بآلات جسمانية والباري ـ تعالى ـ منزّه عنها ؛ وعلى الثّاني ـ أعني : عدم علمه بالجزئيات المتغيّرة ـ : بأنّه إذا علم مثلا انّ زيدا في الدار في الآن ثمّ خرج عنها فامّا أن يبقى ذلك العلم / ١٦٦ MB / بحاله أو يزول ذلك العلم ويعلم انّه ليس في الدار ؛ والأوّل يوجب الجهل ، والثاني يوجب التغير في ذاته من صفة إلى أخرى ، وكلاهما نقص يجب تنزيهه ـ تعالى ـ عنه.
قيل : هذا الدليل يتناول الجزئيات المتغيّرة سواء كانت مادّية ـ أي : حالّة في المادّة ـ أو غير مادّية ـ أي : غير حالّة فيها وإن كان لها نوع تعلّق بها ، كالنفس الناطقة وعلومها ـ ، وسواء / ١٦٦ DA / كانت موجودات عينية أو صورا ادراكية محسوسة أو معقولة ، لا جراء الدليل المذكور في كلّ منها. بل هذا الدليل يجري في المتغيّرات سواء