، بل في مفهوم اعتباري ، وهو جائز. وعلى هذا فالجواب عن شبهة عدم علمه بالجزئيات المتشكلة : انّ ادراك المتشكّل إنّما يحتاج إلى آلة جسمانية إذا كان الادراك بحصول الصورة ، وأمّا إذا كان اضافة محضة أو صفة حقيقية ذات اضافة بدون الصورة فلا حاجة إلى آلة جسمانية أصلا.
وأنت خبير بانّه على ما اخترناه وان كان الجواب عن شبهة عدم علمه ـ سبحانه ـ بالجزئيات المتشكّلة صحيحا لأنّ ذاته ـ تعالى ـ بذاته إذا كان منشأ للانكشاف وكان الانكشاف بالحضور دون ارتسام الصور لم يكن حاجة إلى آلة جسمانية أصلا ؛ نعم ما ذكر في الجواب المذكور من أنّ العلم صفة حقيقية ذات اضافة ممّا يناسب مذهب الاشاعرة القائلين بزيادة الصفات ؛ فبطلانه ظاهر.
وأمّا الجواب المذكور عن شبهة لزوم التغيّر في علمه ـ سبحانه ـ ، فهو غير تامّ ؛ لأنّ العلم بمعنى الاضافة الاشراقية وان كان ثابتا له ـ تعالى ـ عندنا ووقوع التغيّر في الاضافة لا يوجب التغيّر في الذات أو في صفة حقيقية لها ، إلاّ أنّ تغيّر اجزاء الزمان وما يقع فيها من الحوادث بتجدّد حضوراتها وبالحالية والمضيّ والاستقبال يستلزم تجدّد نسب الأزمان واجزاء الزمان بالنسبة إليه ـ تعالى ـ ويوجب تغيّر نسب الحوادث في الحالات الثلاث بالقياس إليه ـ تعالى ـ ، مع أنّه ـ تعالى ـ مجرّد متعال عن الزمان والزمانيات ونسبته إلى جميع الأوقات والأزمان متساوية كما انّ نسبته إلى جميع الأمكنة والأحياز كذلك.
وقد ظهر مما ذكر انّ ما ذكره المحقّق الطوسي في التجريد في الجواب عن الشبهة المذكورة بقوله : « وتغيّر الاضافات ممكن » (١) ليس بتامّ.
وقال العلاّمة الخفري : المناسب في الجواب عن هذه الشبهة على التحقيق الّذي هو مختار المحقّق أن يقال : انّ العلم عندنا نفس المعلوم ، فالتغير فيه ليس إلاّ التغيّر في المعلومات ولا يلزم منه التغيّر في ذات العالم ، بل إنّما يلزم منه التغيّر في الحضور الّذي هو لازم للعلم نظرا إلى أنّ العلم لمّا كان عين المعلوم كان العلم حقيقة هو الأمر الحاضر و
__________________
(١) راجع : المسألة الثانية من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص ٢٢٢.