في الآن ، فهو ممنوع ، ووجهه ظاهر مما تقدّم ؛ وإذا لم يجتمع هذان العلمان فيلزم التغيّر في علمه ـ تعالى ـ. نعم! ؛ القول ببقاء هذين العلمين معا إنما يمكن تصحيحه بأحد الوجهين الآتيين اللّذين أحدهما مردود عند التحقيق ـ وهو التزام القول بالعلم الحصولي حتّى تكون / ١٦٩ MA / صورة كون زيد في الدار وصورة كونه خارجا عنها مرتسمتين ، إمّا في ذاته تعالى وإمّا في المدارك العالية على اختلاف بين القائلين بالعلم الصوري كما عرفت ـ ، وثانيهما مقبول عندنا ـ وهو القول بحضور جميع الحوادث دفعة واحدة بلا استمرار وتجدّد عنده تعالى ـ. وبدون التزام أحد هذين الوجهين لا يمكن تصحيح القول ببقاء العلمين معا. والفاضل المذكور قد أنكر كلا القولين معا ، أمّا الأوّل فكما صرّح به في هذا الكلام ، وأمّا الثاني فكما صرّح به عند ردّه على المحقّق الدواني في قوله بحضور أجزاء الزمان مع ما فيها عنده ـ تعالى ـ حيث قال : « هذا طور وراء طور العقل ووجوه البحث فيه ظاهرة ، وفيه التزام قدم كلّ حادث » ؛ وحينئذ فكيف يمكن له القول ببقاء العلمين معا!؟.
وثانيها (١) ـ أي : ثانى الوجوه لدفع الشبهة المذكورة ـ هو : انّ علمه ـ تعالى ـ إنّما هو بحصول الصور لا بانكشاف الذات ، فلا يكون حكمه واقعا في آن من الآنات بأن يكون الآن ظرفا للحكم ولا علمه متعلّقا بالحوادث الزمانية من حيث وقوع كلّ منها في زمان خاصّ ووقت معيّن حتّى يلزم التغيّر بتغيّر المعلوم ، بل إنّما يعلم الكلّ من حيث اسبابها الكلّية. كما في علم المنجّم بالخسوف الجزئي المعيّن إذا كان حاصلا من قواعد علم النجوم وطريق ضبط الحركات لا من جهة الإحساس ، فانّه لا يتغيّر بحسب تجدّد أزمنة القبل والبعد والمقارنة.
وهذا الوجه عندنا باطل ، لما عرفت من بطلان القول بالعلم الحصولي ؛ وقد صرّح جماعة بأنّه يلزم على هذا القول عدم علمه ـ تعالى ـ بالجزئيات من حيث انّها جزئيات ، بل يكون علمه ـ تعالى ـ حينئذ على سبيل الكلّية. وقد نسب ذلك إلى الشيخ وغيره من القائلين بالعلم الصوري ، وربما كفّرهم جماعة لذلك ؛ وسيجيء تحقيق ذلك في محلّه.
__________________
(١) الاصل : ثالثها.