ينافي ما توهّموه! ؛ انتهى.
ثمّ اعلم! ، انّ عدم كون علمه ـ سبحانه ـ زمانيا وبراءته عن الوقوع في الزمان وكونه عالما بالاشياء جميعا في الأزل على نهج واحد من دون تغيّر وتجدّد إنّما يتصوّر لأحد من أمور أربعة :
الأوّل : أن يكون ذلك لأجل كون علمه صوريا كلّيا حاصلا من الأسباب والعلل المتسلسلة المنتهية إلى الجزئيات المتغيّرة ، فانّه ـ سبحانه ـ إذا علم الجزئيات بصورتها الكلّية وطبائعها المجردة من عللها وأسبابها يكون هذا العلم مقدّسا عن الوقوع في الزمان ؛ وعلى هذا لا تكون الأشياء معلومة له ـ تعالى ـ بحضوراتها العينية.
ومفاسد هذا الوجه كثيرة ـ كما عرفت ـ.
وأنت تعلم انّ هذا الامر هو الوجه الثاني بعينه ، فيكون الوجه الثاني داخلا تحت الوجه الثالث وواحدا من اقسامه.
الثاني : أن يكون لأجل علمه ـ تعالى ـ في الأزل بذواتها العينية على التفصيل والجزئية بأن تكون بأنفسها ووجوداتها العينية ثابتة له ـ تعالى ـ في الأزل حاضرة منكشفة / ١٦٩ MB / عنده فيه بخصوصياتها وإن لم توجد بعد في الخارج ، لما حقّقناه سابقا من انّه ـ تعالى ـ لمّا كان محيطا بالزمان متعاليا عنه وجميع اجزاء الزمان بالنسبة إليه كان واحدا في معية الوجود فيكون الزمان بأسره والزمانيات برمتها موجودة له ـ تعالى ـ في الأزل وإن لم تكن موجودة بأنفسها ـ على ما مرّ مفصّلا ـ.
الثالث : أن يكون لاجل علمه بذواتها على التفصيل والجزئية لا لكونها حاضرة عنده ـ تعالى ـ بوجوداتها العينية ، بل لكونها معلولاته ـ تعالى ـ ولوازم ذاته الفائضة المترشّحة عنه ـ سبحانه ـ ، فانّ كونها من مقتضيات ذاته المندرجة فيه ـ سبحانه ـ يقتضي انكشافها مفصّلة متخصّصة عنده ـ تعالى ـ ، على ما قررناه وذكرنا انّه أيضا ممّا يتصحّح به العلم الحضوري.
الرابع : أن يكون لأجل علمه ـ تعالى ـ بذواتها لكونه من مقتضيات ذاته ـ تعالى ـ ، لكن على سبيل الإجمال لا على سبيل التفصيل ؛ والعلم الاجمالي على الاحتمال الأوّل