بالكلّية ، أي : بجميعها بحيث لا يعزب عنه / ١٦٩ DB / ـ تعالى ـ شيء منها لا انّه ـ تعالى ـ يعلم بعضها ويعزب عنه بعض آخر ـ كما هو شأن الممكن ـ ؛ وثانيهما من بعض المتأخّرين ، وهو : انّ مرادهم انّه ـ تعالى ـ يعلم الجزئيات بوجه يشابه الكلّي في آن لا يتغيّر العلم بها. وإمّا تفصيلي فلا حاجة إلى شيء من هذين التأويلين ، فانّ الجزئيات قبل الايجاد الخارجي إنّما يعلم على الوجه الكلّي ، فانّ كلّ شخص من الأشخاص قبل الايجاد يكون معلوما بوجه كلّي منحصر في شخص وفي وقت الايجاد يكون معلوما بذاته على وجه يكون مانعا من وقوع الشركة. وغير خفي بأنّ المراد من العلم التفصيلي المتقدّم هنا هو المرتبة الأولى والمرتبة الثانية من مراتب العلم التفصيلي المتقدّمة ، فانّ في هاتين المرتبتين لا يحصل إلاّ الصور الكلّية ـ كما تقدّم ـ. وإنّما خصّصنا العلم التفصيلي بهاتين المرتبتين بقرينة قوله : « فانّ كلّ شخص من الأشخاص يكون قبل الايجاد معلوما بوجه كلّى منحصر في شخص » ، فالواجب يعلم الجزئيات بهذا العلم قبل ايجادها على الوجه الكلّي ـ أي : بصورة غير مانعة من الشركة ـ باعتبار ارتسام تلك الجزئيات في العقول والنفوس الفلكية والنفوس الناطقة الانسانية ، فانّها وما فيها حاضرة عنده ـ تعالى ـ. وليس المراد انّ العلم التفصيلي المتقدّم على الايجاد بالجزئيات حينئذ منحصر بالوجه الكلّي ، بل المراد انّ هذا العلم ـ أي : العلم بالوجه الكلّي ـ أيضا يحصل له وإن تحقّق له ـ تعالى ـ العلم بها قبل الايجاد على الوجه الجزئي أيضا ـ كعلمه بالجزئيات المرتسمة في الآلات الجزئية المادّية والخيالات الفلكية ، فانّها مع ما فيها أيضا منكشفة عنده تعالى ـ ؛ انتهى ما ذكره بأدنى توضيح.
ولا يخفى ما في هذا الكلام من الاختلال ، لأنّ المحيط بالزمان والمتعالي عنه كيف يكون صفاته زمانية ـ أي : واقعة في الزمان؟! ـ ، فانّ ذلك مخالف للقواعد العقلية والنقلية. فهذا العلاّمة إن أراد انّ علم الواجب ـ تعالى ـ بمعنى الانكشاف حادث زماني ، فهو باطل عقلا وشرعا ؛ وإن اراد انّ العلم بمعنى المعلوم حادث زماني ، فلا نزاع في ذلك. وقد عرفت / ١٧٠ MA / انّ مناط علم الواجب بالأشياء ـ سواء كانت زمانية أو غير زمانية ـ ليس نفس وجوداتها وحقائقها ، وإلاّ لزم أن يكون علمه انفعاليا وحادثا ،