المستقبل صفات عارضة للزمان بالقياس إلى ما يختصّ بجزء منه ـ لقولنا : إذ الحال معناه زمان حكمي هذا ... الى آخره ـ : بأنّه إن اريد بالحكم الحكم القديم لم يناسب هذا إلاّ مذهب الأشعري ، وإن اريد به مطلق الحكم الحادث ـ أي : أعمّ من أن يكون هذا الحكم الحادث من الواجب أو من العبد ـ أو أريد به الحكم المطلق الشامل / ١٧٠ DA / للحكم القديم والحادث فلا يدلّ على ما هو المطلوب ـ أعني : كون علمه ـ تعالى ـ زمانيا ؛ انتهى بأدنى تغيير.
وتوضيح كلامه ـ على ما يستفاد من كلام بعضهم ـ : انّه لا شكّ أنّ المراد من تفسير كلّ واحد من الأوصاف الثلاثة بما ذكر إنّما هو لأجل أن يظهر منه انّ هذه الأوصاف الثلاثة بهذه التفسيرات لا يمكن أن يثبت له ـ سبحانه ـ ، فإذا كان الحال مثلا معناه زمان حكمي هذا فلا يمكن أن يكون ثابتا له ـ تعالى ـ ، لأنّه لا يكون لحكمه ـ تعالى ـ زمان يختصّ به.
فنقول : المراد من الحكم إن كان هو الحكم القديم ـ أي : الّذي يسمّى بالكلام النفسي المتعلّق بالكلام اللفظى الحادث ـ فلا ريب في عدم كونه زمانيا ، لأنّ القديم لا يتعلّق بالزمان. فإذا قلنا : الحال زمان حكمي هذا يكون مختصّا بالحكم الحادث ومنحصرا بالحكم الصادر عن العبد ، فلا يكون لحكمه ـ تعالى ـ حال. ولكن هذا لا يناسب إلاّ لمذهب الأشاعرة ، فانّهم لمّا قالوا بالكلام النفسى كانت الأوامر والنواهي الإلهية عندهم قديمة ، فلا تكون زمانية ، فالحكم الزماني يختصّ بحكم العبد بكونه حادثا. وأمّا المعتزلة فلمّا لم يقولوا بالكلام النفسي ـ لعدم معقوليته ـ لم يفرّقوا بين حكم الله وحكم العبد ، فكما انّ حكم العبد عندهم حادث زماني كذلك حكم الله ـ تعالى ـ عندهم حادث زماني. فتفسير الحال بزمان حكمي هذا على أن يخرج منه حكم الله ـ تعالى ـ لا يناسب لمذهبهم ، بل إنّما هو يناسب لمذهب الأشاعرة فقط.
وإن كان المراد من الحكم المذكور مطلق الحكم الحادث ـ سواء كان حكم الواجب أو حكم العبد ـ أو الحكم المطلق ـ أي : سواء كان قديما أو حادثا ـ فلا يدلّ على المطلوب ـ الّذي هو اثبات أن ليس للواجب وعلمه حال وماض ومستقبل ـ ،