يتصف بالمضيّ ومقابليه مقيسا إلى ذات واجب الوجود وصفاته الحقيقية ، وأمّا الاتصاف بها باعتبار الأحوال الحادثة والصفات الاعتبارية الحادثة فهو متحقّق بلا شبهة ـ كما دلّ عليه الكتاب العزيز ـ ؛ انتهى.
وما ذكره من جواز اتصافه ـ تعالى ـ بالمضيّ واخويه باعتبار الأفعال الحادثة والصفات الاعتبارية الحادثة ، قد عرفت جلية الحال فيه.
ثمّ قال في تلو قولنا في الكلام المذكور : « فالموجودات من الأزل إلى الأبد معلومة له ـ تعالى ـ ... إلى آخره » : هذا إنّما يصحّ في العلم المقدّم على الايجاد العيني لا في العلم بذوات الحادثات باعتبار وجودها العينى ، فانّه في هذا العلم يتحقّق كان وكائن وسيكون ؛ انتهى.
وقد عرفت انّ العلم المقدّم على الايجاد العيني قد يطلق ويراد به ذاته ـ تعالى ـ بذاته من حيث انّه مبدأ الانكشاف ومناطه ، وقد يطلق ويراد به نفس الانكشاف وهو العلم بذوات الحادثات / ١٧١ DA / أيضا ، فانّ المراد من العلم بذوات الحادثات الّذي يتحقّق فيه كان وسيكون نفس الانكشاف ، فهو باطل لتحقّقه في مرتبة ذاته ؛ وإن أراد به نفس المعلوم فهو حقّ ولا نزاع لأحد فيه.
ثمّ قال بعد قولنا في الكلام المذكور : « بل هي حاضرة عنده في أوقاتها ... إلى آخره » : لمّا كان كلّ منها حاضرا في وقته ولا يكون حاضرا في الوقت المقدّم على ذلك ولا في الوقت المؤخّر عنه كان علمه ـ تعالى ـ بذوات الجزئيات الخاصّة حال كونها ملحوظة مع الوجود العيني واحكامها الواقعة في أزمنتها من حيث دخول الزمان باوصافه الثلاثة فيها. ففي قوله : « ومثل هذا العلم يكون ثابتا مستمرا لا يتغيّر أصلا كالعلم بالكلّيات » بحث لا خفاء فيه ؛ وهو : انّك عرفت انّ علمه ـ تعالى ـ بالجزئيات العينية إنّما هو من حيث دخول الزمان فيها بحسب الأوصاف الثلاثة ، وكون هذا العلم ثابتا مستمرّا غير متغير يستلزم نفي هذه الحيثية ، فلا يكون ثابتا غير متغير ، بل يكون متغيرا بحسب الوجود الخارجي والحضور قطعا. نعم! ، كون واجب الوجود بحيث يحضر عنده جميع الجزئيات الخاصّة كلّ في وقته لا تغيّر فيه ، لكن هذا ليس عبارة عن