العلم الحدوثي الّذي هو عبارة عن الحاضر الحادث في وقت وجوده العيني وان كان مستلزما له ، وعبارة الفلاسفة تقتضي نفي الحضور الحادث الزمانى ؛ فهذا التأويل لا يناسب مقتضى عبارتهم ؛ انتهى.
وحاصل كلامه هنا : إن اريد بقولهم : « بل هي حاضرة عنده في أوقاتها ... إلى آخره » عدم التغير في الحضورات الحادثة الزمانية بالنسبة إليه ـ تعالى ـ ، ففيه : انّ علمه ـ تعالى ـ بها انّما هو من حيث دخول الزمان فيها بحسب الأوصاف الثلاثة ، وهو لا محالة يستلزم تغير الحضورات الزمانية ؛ وإن اريد عدم التغيّر في كونه ـ تعالى ـ بحيث يحضر عنده الجزئيات كلّ في وقته ـ لا عدم التغير في الحضورات الزمانية ـ ، ففيه : انّ عدم التغير في كونه بحيث يحضر عنده الجزئيات / ١٧١ MB / كلّ في وقته ليس عدم التغيّر في علمه بالجزئيات ، إذ الكون المذكور ليس عبارة عن العلم الحدوثي التفصيلي بالجزئيات وإن كان هذا العلم الحدوثي لازما للعلم الّذي لا تغير فيه ـ أعني : كونه تعالى بحيث يحضر عنده الجزئيات كلّ في وقته ـ.
ثمّ صرّح بأنّ تأويل ما ذكره الحكماء من كون الجزئيات حاضرة عنده ـ تعالى ـ كلّ في وقته ومن عدم التغيّر بالمعنى الثاني ـ أي : بكونه تعالى بحيث يحضر عنده كلّ في وقته من غير تغيّر فيه لا بعدم التغيّر في الحضورات الحادثة الزمانية ـ لا يناسب مقتضى عباراتهم ، فانّ هذا التأويل إنّما هو بناء على تسليم التغيّر الحدوثى ، وهم مصرّحون بنفي العلم الحدوثي المتغير ، وعباراتهم صريحة في نفي التغيّر في الحضورات الحادثة الزمانية. فانّ تصريحهم بنفي التغيّر في علمه ـ تعالى ـ بالجزئيات يقتضي نفي التغير في الحضورات الزمانية ، فليس كلامهم مجملا حتّى يقبل التأويل المذكور ؛ هذا حاصل كلامه.
واندفاعه ظاهر عليك بعد الاحاطة بما تقدّم ، فانّ علمه ـ تعالى ـ بذوات الجزئيات بمعنى الانكشاف لا تغير فيه أصلا ـ لما عرفت مرارا ـ ، وبمعنى المعلوم متغير إلاّ انّه غير محلّ النزاع. فالحضورات الّتي صرّح بثبوت التغيّر فيها إن كان مراده منها هو الانكشاف الثابتة للواجب ـ سبحانه ـ ، فلا نسلّم كونها متغيرة ولا حادثة ولا زمانية ؛ وإن كان مراده منها هو المعلومات الحاضرة ، فكونها متغيرة مسلّم ، إلاّ انّه غير قادح في