مطلوبنا.
وبذلك ظهر اندفاع ما أورده من البحث الّذي لا خفاء فيه على قولهم بكون علمه بالجزئيات ثابتا مستمرّا غير متغير.
وظهر أيضا انّ مراد الحكماء من عدم التغير في علمه ـ تعالى ـ بالجزئيات هو عدم التغيّر في انكشاف جميع الأشياء الزمانية الحادثة عنده ، ولم يقل أحد منهم بثبوت الانكشاف الحادث الزماني له ـ تعالى ـ ، ولم يثبت أحد منهم علما حادثا له ـ تعالى ـ كما يظهر من كلام هذا العلاّمة ، فانّ في كلامه مواضع يدلّ على أنّ للواجب ـ سبحانه ـ علمين : أحدهما قديم ثابت ، والاخر حادث متغير. وقد صرّح بذلك في كلامه المتقدّم أيضا ، وفساده اظهر من أن يخفى على أحد.
ثمّ قال : وخلاصة ما حصل من الأبحاث المذكورة انّ علم واجب الوجود الإجمالي الّذي هو عين الذات يعلم به جميع خصوصيات الجزئيات وأحكامها كما يعلم به جميع الصور الكلّية ولا دخل للزمان فيه ولا تغيّر فيه أصلا ـ كما لا يخفى ـ. / ١٧١ DB / وأمّا العلم التفصيلى الّذي لا تفصيل بعده هو عين الموجودات العينية عند المحقّق الطوسي ، ويعبر عنه عند البعض بتعلّق العلم القديم وعند البعض بالرؤية العينية ، فهو انّما يكون باعتبار الزمان. وفيه تغيّر ما بحيث لا يوجب نقصا ، فانّ ذلك التغيّر ليس في العلم بالذات ، بل إنّما يكون في العلوم من حيث هي معلومات. والحاصل : انّ التغيّر ليس أوّلا وبالذات في العلم التفصيلي ، بل إنّما يكون هذا التغيّر في العلوم باعتبار انّ تلك العلوم معلومات ، فالتغير بالحقيقة وبالذات إنّما هو في المعلومات وفي العلوم انّما يكون بالعرض وبتبعية المعلومات ، فهذا التغيّر من لوازم عدم التغيّر في العلم القديم ، لأنّ الواجب ـ تعالى ـ يعلم بهذا العلم القديم جميع الجزئيات المتغيّرة على ما هي عليه. وهذا العلم عبارة عن كونه ـ تعالى ـ بحيث يصدر عنه جميعها منكشفة عنده وصدور تلك الجزئيات المتغيّرة عنه ـ تعالى ـ على وجه كونها متغيرة لازم لهذا العلم الغير المتغير ، وهو المقتضي لحدوث المتغيّرات على الوجه الّذي وقعت ، لأنّه اقتضى تغيّر المتغيّرات وتجدّدها في أوقات وجوداتها المختلفة بحسب المصالح وتأدية الأسباب المؤدّية إليها ، وكان علمه التفصيلي بها