ثابتا أم حادثا متغيرا ـ فانّ لم يكن قائلا بثبوته له ـ تعالى ـ أصلا حتّى يكون العلم عنده منحصرا بالعلم الاجمالي بمعنى مجرّد ذاته وبالعلم التفصيلي بمعنى مجرّد وجودات الأشياء فهو كفر وزندقة يدفعه قاطع البرهان ويتبرّأ عنه أهل الملل والاديان ؛ وإن كان قائلا به إلا انّه قال بحدوثه بحدوث الأشياء العينية الّتي هي العلوم التفصيلية فهو أيضا باطل ـ للزوم جهله وفقده صفة كمالية في مرتبة ذاته ـ. وهذا هو الظاهر من كلماته بعد ملاحظة السوابق واللواحق والجمع بينهما ، فانّه قسّم العلم إلى العلم الحقيقي الّذي هو الحاضر بالذات أو غير الغائب ـ وهو المناط للانكشاف والمصحح له ، وجعل وجودات الأشياء هو العلم بهذا المعنى. وهذا هو العلم التفصيلي عنده ـ ؛ وإلى العلم بالمعنى الاضافي الّذي هو الانكشاف ؛ وإلى العلم الاجمالي الّذي هو مجرّد ذاته ـ سبحانه ـ وجعل العلم الاجمالي قديما غير متغير والعلم بالمعنيين الآخرين حادثا زمانيا ، إلاّ أنّه جعل التغير الاضافي وزمانيته تابعا لتغير العلم التفصيلي ـ كما هو الظاهر من كلامه هنا ـ. ولو حمل كلامه هنا على أنّ العلم الاجمالي الّذي هو عين ذاته يعلم به خصوصيات الجزئيات في الأزل من غير مدخلية للزمان فيه فيكون رجوعا إلى الحقّ الصريح من كون انكشاف الأشياء / ١٧٢ DA / مفصّلة عنده قديما سابقا على الايجاد وعدم كون هذا الانكشاف زمانيا ، وكون العلم الحقيقي ـ الّذي هو مناط الانكشاف ـ مجرّد ذاته الحقّة دون وجودات الأشياء.
هذا هو الحقّ الّذي اخترناه من كون ذاته مناط الانكشاف التفصيلي ومنشأه وثبوت الانكشاف التفصيلي له ـ تعالى ـ في الأزل من غير كونه زمانيا ، وكون الأشياء بجزئياتها وخصوصياتها منكشفة عنده ـ تعالى ـ أزلا وأبدا على نهج واحد من غير تغيّر وتجدّد.
والحقّ انّ حمل كلامه هنا على هذا المعنى لا يناسب أكثر كلماته السابقة ، بل هو خلاف ما اشتهر من مذهبه في العلم ، بل لا يناسب لكلامه هنا أيضا ؛ لأنّه صرّح هنا بلزوم التغيّر في العلم التفصيلي الّذي لا تفصيل بعده. فان كان مراده من هذا العلم التفصيلي هو مجرّد وجودات الأشياء دون الانكشاف فيلزم عدم ثبوت انكشاف تفصيلي له ـ تعالى ـ قبل ايجاد الأشياء ؛ وإن كان مراده منه الانكشاف فيلزم كونه زمانيا وحادثا وإن كان تابعا لتغير المعلومات ـ كما صرّح به ـ. وهذا هو الظاهر من كلماته ، و