لهذا أورد عليه بعض الأفاضل بأنّ علمه القديم إنّما يقتضي تجدّد المتجدّدات فيما بينها لا بالنسبة إليه ـ تعالى ـ ، وعلمه التفصيلى إنّما هو عين المتجدّدات من حيث انتسابها إليه وحضورها وانكشافها لديه وهي من تلك الحيثية غير متجدّدة أصلا. فالجزئيات المتجدّدة مع كونها متجدّدة ومتغيرة وكون علمه ـ تعالى ـ بها عين وجوداتها المتغيّرة لا يستلزم تغير علمه ـ تعالى ـ بها من حيث هو علم بها ؛ هذا.
وأمّا المطلب الثاني فهو كما عرفت انّ السبب في عدم تغيّر علمه ـ سبحانه ـ أحد الوجهين :
أوّلهما : كون ذاته علّة لجميع الأشياء ومقتضية لها اقتضاء تامّا ، والعلم بالعلّة يوجب العلم بمعلولاتها مفصّلة على نحو واحد من دون تغيّر وتجدّد.
وثانيهما : كون الأشياء بوجوداتها العينية حاضرة عنده ـ سبحانه ـ في الأزل وإن لم يوجد بعد ـ لاحاطته بالزمان وكون جميع الاجزاء عنده متساوية في الحضور وكون الزمان باسره عنده واحدا في معية الوجود ـ. وهذان الوجهان كما يصحّحان كون علمه بالمتجدّدات ثابتا غير متغير يصحّحان حضور المعدومات عنده ـ كما مرّ ـ ، فانّ ذاته ـ تعالى ـ إذا كان علّة تامّة للجزئيات / ١٧٢ MB / في الأزل وكان العلم بالعلّة مستلزما للعلم بالمعلول وكان حضور العلّة أقوى من حضور المعلول في باب انكشاف المعلول أو كانت اجزاء الزمان متساوية بالنسبة إليه وكان محيطا بالجميع متعاليا عنه ولم يكن داخلا تحت الزمان كان الجميع منكشفا عنده في الأزل والأبد على نهج واحد ، فالاشياء بأسرها في حال عدمها تكون حاضرة عنده يصحّ علمه بها مع كونها معدومة ولا يتجدّد علمه بها بتجدّدها وتغيرها ، فصحّ عدم التغيّر في علمه.
وأمّا الوجهان الآخران لتصحيح عدم التغيّر في علمه ـ تعالى ، أعني : كون علمه سبحانه حصوليا صوريا حاصلا من الأسباب والعلل المؤدّية إلى الجزئيات ، إذ كونه عالما بالجزئيات قبل ايجادها على سبيل الإجمال والعلم الاجمالي لكونه بسيطا وحدانيا لا تغير ولا تجدّد فيه ـ فقد عرفت فسادهما.
وقد تلخّص ممّا ذكر انّ في تصحيح عدم التغيّر في ذاته وفي صفاته الحقيقية