الأدلّة السمعية ـ (١).
والحاصل : انّه وقع التدافع بين مقدّمتين وصرّحوا بها ؛
إحداهما : انّ العلم التامّ بالعلّة مستلزم للعلم بالمعلول ؛
وثانيهما : نفي علمه ـ تعالى ـ بالجزئيات على النحو الجزئى مع كونه ـ تعالى ـ علة لها باعترافهم.
ثمّ ذكر تحقيقا حاصله : انّ تكثّر الأشياء إمّا أن يكون بحسب حقائقها ؛ وإمّا أن يكون بحسب تعدّدها مع اشتراكها في حقيقة واحدة ، والكثرة المتفقة الحقيقية إمّا أن تكون آحادها غير قارّة ـ أي : لا توجد معا ـ أو تكون غير قارة توجد معا ؛ والأوّل من هذين القسمين لا يمكن أن يوجد إلاّ مع زمان ، والثاني لا يمكن أن يوجد إلاّ في مكان أو مع مكان ، فالطبائع المعقولة إذا تحصّلت في اشخاص كثيرة تكون الأسباب الأولى لتعيين اشخاصها وتشخصها هي إمّا الزمان ـ كما للحركات ـ أو المكان ـ كما في الأجسام ـ أو كلاهما ـ كما في الأشخاص المتغيّرة المتكثّرة بحسب نوع من الانواع ـ ؛ وما لا يكون زمانيا ولا مكانيا فلا يتعلّق بهما ـ أي : بالزمان والمكان ـ ، ويقبح القول باستناده إليهما. كما إذا قيل : الانسان من حيث الطبيعة الانسانية متى يوجد ، أو اين يوجد أو كون الخمسة نصف العشرة في أيّ زمان يكون وفي أيّ بلدة يكون ، بل إذا تعين شخص منها كهذا الانسان أو هذه الخمسة والعشرة فقد يتعلّق بهما بسبب تشخّصه.
ثمّ أورد كلاما لبيان علمه بالجزئيات من حيث انّها جزئيات مع عدم لزوم التغيّر في علمنا.
هذا كلامه مع توضيحه.
واعلم! ، انّه إذا كان المدرك متعلّقا بزمان أو مكان فانّما يكون الادراك منه بآلة جسمانية لا غير ، كالحواس الظاهرة والباطنة فانّه يدرك المتغيّرات الحاضرة في زمانه ويحكم بوجودها وبفوت ما يكون وجوده في زمان غير ذلك الزمان / ١٧٣ MB / ويحكم بعدمه ؛ بل نقول : انّه كان أو يكون وليس الآن. ويدرك المتكثّرات الّتي يمكن أن يشير
__________________
(١) راجع : رسالة شرح مسئلة العلم ، المسألة العاشرة ، ص ٣٨.