إليها ويحكم عليها بانّها في أيّ جهة منه وعلى أيّ بعد ومسافة إن بعد عنه. وأمّا المدرك الّذي لا يكون كذلك ويكون ادراكه تامّا فانّه يكون محيطا بالكلّ عالما بأنّ أيّ حادث يوجد في أيّ زمان من الأزمنة وكم يكون بينه وبين الحادث الّذي بعده أو قبله من المدّة ، ولا يحكم بالعدم على شيء من ذلك ، بل بدّل ما يحكم المدرك الأوّل بأنّ الماضي ليس موجودا في الحال ـ أي : ليس الماضي موجودا في زمان هو ظرف وجودي في حالة الحكم ـ ، إذ الحال هو زمان وجود الحاكم في حال الحكم ـ يحكم هو بأنّ كلّ موجود في زمان معين لا يكون موجودا في غير ذلك الزمان من الازمنة الّتي تكون قبله أو بعده ، لأنّ الحاكم إذا لم يكن وجوده مقارنا لزمان من الأزمنة ولا واقعا فيه لم يصحّ منه الحكم بكون الماضي غير موجود في زمان هو زمان وجوده ، لكن يحكم هو بدله بأنّ كلّ موجود في زمان معيّن لا يكون موجودا في غير ذلك الزمان ، فيحكم بأنّ الماضي الّذي هو أيضا من الموجودات في زمان معيّن لا يكون موجودا في زمان الحال الّذي هو زمان بعد ذلك الزمان ، وبأنّ المستقبل هو موجود أيضا في زمان معيّن لا يكون موجودا في زمان الحال الّذي هو زمان قبل ذلك الزمان. ودخول هذا الحكم تحت الحكم الكلّي المذكور أوّلا ظاهر إذا كان المراد بالماضي والمستقبل الشيء الّذي يمضي زمانه والشيء الّذي سيأتى زمانه ؛ وأمّا إذا كان المراد بهما نفس الزمانين فالظاهر دخوله تحته وترتّبه عليه أيضا ، إذ كلّ منهما زمان لوجود نفسه ـ كما تقرّر في موضعه ـ.
قيل : كان الاظهر أن يقول المحقّق : « ويحكم هو بدله بأنّ ما هو موجود في زمان يكون ماضيا بالنسبة إلى زمان آخر بعده ليس موجودا في ذلك الزمان المسمّى بالحال » ليطابق البدل ما هو بدل منه صريحا.
ثمّ انّ المدرك الغير الزماني يدرك في حكمه بأنّ الماضي لا يكون موجودا في الحال أنّ الماضي إنّما هو ماض بالنسبة إلى موجود واقع بعد ذلك الزمان الماضي ، وكذا الأمر في الحال فيحكم / ١٧٣ DB / بأنّ ما هو ماض بالنسبة إلى موجود واقع في زمان بعد زمان ذلك الماضي ليس موجودا في ذلك الزمان البعد الّذي هو حال بالنسبة إلى ما هو موجود ، فظهر انّه لا يعزب عن علمه كون الماضي ماضيا بالنسبة إلى ما هو ماض بالقياس إليه و