لا كون الحال حالا بالنسبة إلى ما هو حال بالقياس إليه ولا يكون ما هو ماض غائبا عمّا هو حال.
ثمّ قال : ويكون ـ أي : المدرك الّذي لا يكون كذلك ، أي : لا يكون زمانيا ـ عالما بأنّ كلّ شخص في أيّ جزء يوجد من المكان وأيّ نسبة تكون بينه وبين ما عداه ممّا يقع في جميع جهاته وكم الابعاد بينهما على الوجه المطابق للحكم ، ولا يحكم على شيء بأنّه موجود الآن أو معدوم أو موجود هناك أو معدوم أو حاضر أو غائب ، وذلك لان « الآن » عبارة عن الزمان المقارن لوجود الحكم حالة الحكم وذلك فرع كون الحاكم زمانيا ، و « هناك » اشارة إلى مكان يكون بعيدا عن مكان الحاكم حالة الحكم كما انّ « هاهنا » اشارة إلى مكان قريب لمكان الحاكم ، وكلّ ذلك يقتضي كون الحاكم مكانيا. بل الحكم بأنّ الشيء موجود هناك هو الحكم بأنّه موجود في مكان معروض البعد عن مكان آخر ، وعدم حكمه بأنّه حاضر أو غائب لاستلزام حكمه بالحضور والعينيّة كون الحكم زمانيا أو مكانيا ، لأنّ المراد بالحضور والغيبة هما الحضور الزمانيان أو المكانيان بالنسبة إلى الحاكم. فظهر انّ الحكم بالموجودية والمعدومية في الآن أو هناك وبالحضور والغيبة لا ينفكّ عن الزمان والمكان ، فلا يكون ثابتا للمدرك الّذي كلامنا فيه ، لأنّه ليس بزماني ولا مكاني ، بل نسبة جميع الازمنة والامكنة إليه نسبة واحدة. وإنّما اختصّ بالآن أو بهذا المكان أو ذلك المكان أو بالحضور أو الغيبة وبأنّ هذا الجسم قدامي أو خلفي أو تحتي أو فوقي من وقع وجوده في زمان معيّن ومكان معيّن ؛ وعلمه ـ تعالى ـ بجميع الموجودات اتمّ العلوم وأكملها. وهذا هو المعبر بالعلم بالجزئيات على الوجه الكلّي ؛ انتهى.
قيل : العلم بالجزئيات بحيث لا يختصّ بالآن أو المكان أو بالحضور أو الغيبة ـ وامثال ذلك ـ هو معنى العلم بها على الوجه الكلّي ، فانّ العلم بالكلّي يكون من هذا القبيل ـ أعني : غير مختصّ بشيء من الأمور المذكورة ـ.
وقيل : التعبير عنه بالكلّي لعدم خروج شيء منه ـ أي : يعلم الجزئيات بالكلّية ـ.
قيل : وإلى هذا الاصطلاح ـ أي : اصطلاح تغيير العلم بالجزئيات بوجه لا يكون فيه كان وكائن وسيكون بالعلم الجزئي على الوجه الكلّي بمعنى عدم خروج شيء منه ـ