منهما.
فان قيل : يمكن أن يحمل كلامه على العلم الاجمالي المقدّم على ايجاد العين حتّى يكون مراده من حضور الأشياء عنده دفعة واحدة بلا قبلية ولا بعدية هو الحضور في الشهود العلمي على سبيل الإجمال ، فيكون مذهبه انّ الأشياء الزمانية في الشهود العلمي الاجمالي تكون حاضرة دفعة من دون أن يتصف علمه بها بالتغيّر والآن والمضيّ والاستقبال ، وفي الشهود العلمى التفصيلي تكون حاضرة على ترتيب وجودها في الخارج ويتصف علمه بها حينئذ بالتغيّر والقبلية والبعدية ولا بأس به ، لأنّه تغيّر في الاضافة ـ كما اشار إليه في التجريد بقوله : « وتغيّر الاضافات ممكن » ـ (١).
وممّا يدلّ على ذلك ما ذكره في شرح الرسالة بعد كلامه المنقول : « وامّا العلم بالجزئيات على الوجه الجزئي المذكور ـ أي : على وجه الإحساس بالحواسّ الظاهرة والباطنة ـ فهو إنّما يصحّ لمن يدرك ادراكا حسيا بآلة جسمانية في وقت معيّن ومكان معيّن ، وكما أنّ الباري ـ تعالى ـ يقال انّه عالم بالمذوقات والمشمومات والملموسات ولا يقال انّه ذائق أو شامّ أو لامس لأنّه منزّه عن أن يكون له حواسّ جسمانية ولا يتسلّم ذلك في تنزيهه بل يؤكّده ، كذا نفي العلم بالجزئيات المشخّصة على الوجه المدرك بالآلات الجسمانية عنه ـ تعالى ـ لا يتسلّم ذلك في تنزيهه بل يؤكّده ، ولا يوجب ذلك تغيرا في ذاته الوحدانية ولا في صفاته الذاتية ، وإنّما يوجب التغيّر في معلوماته ومعلولاته والاضافات الّتي بينه وبينها فقط » (٢) ؛ انتهى.
فانّ قوله : « وإنّما يوجب التغيّر في معلوماته ومعلولاته والاضافات الّتي بينه وبينها » يدلّ على جواز التغيّر في / ١٧٥ MA / الاضافات الّتي هي الحضورات العينية عنده ، فيكون التغيّر عنده جائزا في العلم التفصيلى ـ أعني : في المعلومات المفصّلة وفي الانكشافات المتعلّقة بها ـ ، فيكون كلامه راجعا إلى ما اختاره العلاّمة الخفري ـ رحمهالله ـ من عدم التغيّر في العلم الاجمالي بمعنى انّ ذاته مبدأ لجميع الموجودات الكائنة و
__________________
(١) راجع : المسألة الثانية من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص ٢٢٢.
(٢) راجع : شرح رسالة مسئلة العلم ، المسألة العاشرة ، ص ٤٠.