الفاسدة كلّية كانت أو جزئية ، فيصدر عنه جميعها منكشفة. وهذا المعنى لا تغيّر فيه أصلا ، إذ كون جميع المتغيرات المحسوسات حاضرة بذواتها عند واجب الوجود في أوقات كونها موجودة في الاعيان لا يقبل التغيّر ، إنّما التغيّر في العلم التفصيلي ـ أعني : المعلومات ـ أو بمعنى حضورها ، وهو تغيّر في النسبة والاضافة لا في الذات ، ولا محذور فيه. وقد ادعى هذا العلاّمة تطبيق الكلام المنقول من شرح الرسالة على ما اختاره.
قلت : حمل كلامه على / ١٧٤ DB / العلم الاجمالي المختار عند الخفري ـ رحمهالله ، أعنى : الاحتمال الثاني ـ باطل ؛
أمّا أوّلا : فلأنّ العلم الاجمالي بهذا المعنى إنّما هو كون الذات أزلا وأبدا بحيث لو أوجد شيئا كلّيا أو جزئيا متغيرا أو غير متغير لكان منكشفا عنده ، فلا يكون انكشاف الجميع ثابتا له دفعة أزلا وأبدا ، بل يحدث كلّ انكشاف له في زمان خاصّ. وفي مواضع من الكلام المنقول تصريح بكون انكشاف جميع الأشياء حاصلا له بالفعل دفعة دائما من دون تغيّر وتجدّد ـ مثل قوله : « فانّه يكون محيطا بالكلّ عالما بأنّ أيّ حادث يوجد في أيّ زمان ... إلى آخره ؛ أو قوله يكون عالما بأنّ كلّ شخص يوجد في أيّ مكان ... إلى آخره ـ ؛ ومع ذلك فكيف يحمل هذا على ذاك؟!. وحمل العلم على الكون المذكور ممّا لا يقبله فهم سقيم فضلا عن فهم قويم ، بل حينئذ يصير كلامه مختلّة كما لا يخفى عند التدبّر.
وأمّا ثانيا : فلأنّ عدم التغيّر في العلم الاجمالي ـ أعني : الكون المذكور ـ أمر بديهي وحينئذ فيكون مئونة اثبات كون الزمانيات إليه نسبة واحدة لغوا ، إذ لا يتصوّر لها في الكون المذكور قبلية وبعدية وتجدّدا وتغيّرا ، وحينئذ فيكون ما ذكره أخيرا من جواز تغير الاضافات اشارة إلى جواز تغيرها من حيث انتسابها إلى الأشياء المعلومة لا من حيث انتسابها إليه ـ تعالى ـ ؛ فتأمّل.
وربما قد ظهر لك انّه لا يمكن حمل كلامه على العلم الاجمالي على الاحتمال الأوّل أيضا ، لأنّ في مواضع من كلامه دلالة صريحة على علمه بخصوصيات الأشياء وتعيّناتها. على انّه لم يعلم من كلام هذا المحقّق في مواضع من كتبه ذهابه إلى القول بالعلم