الاجمالي على الاحتمال الأوّل ، وإنّما المعلوم في موضع من شرح الرسالة قوله بالعلم الاجمالي على الاحتمال الثاني ـ كما أشرنا إليه قبل ذلك ـ. وإذ بطل حمله على شيء من المذكورات من العلم الصوري والاجمالي على الاحتمالين فتعين حمله على أحد الوجهين اللّذين اخترناهما ؛ وهو المطلوب.
ثمّ لا يخفى بأنّ الكلام الّذي نقلناه من المحقّق يخالف الظاهر من كلماته في سائر المواضع ، فانّك قد عرفت انّ مذهبه في شرح الاشارات وفي شرح الرسالة انّ علمه بالمعلومات القريبة إنّما هو بحضورها عنده وبالمعلولات البعيدة بالصور المرتسمة في المعلولات القريبة ، ولا ريب في عدم تطبيق كلامه المنقول من شرح الرسالة على ذلك. قال بعض الأفاضل : كلام المحقّق في شرح الرسالة مخالف لما علم من مذهبه من أنّ كلّ شيء ممّا مضى أو حضر أو يستقبل أو يوصف بهذه الصفات على أيّ وجه كان يكون مثبّتا في جوهر عقلي يعبر عنه بالكتاب المبين ، فانّه ظاهر في أنّ مذهبه انّ علمه ـ تعالى ـ بجميع الموجودات إنّما هو بالصور الحاصلة في الجوهر العقلى ـ كما هو مختار تالس الملطي ـ ، فليس ينطبق على التحقيق الّذي ذكرت على مذهبه. ثمّ قال : وتأويل كلامه في شرح الرسالة بالعلم قبل الايجاد يوجب كون مئونة اثبات نسبة الزمانيات إليه نسبة واحدة لغوا ، لأنّه لا يتصوّر اختلاف نسبة العلم قبل الايجاد. على انّه يكون علمه قبل الايجاد بالصور وبعده بالحضور ـ لما علم من مذهبه ـ. فيلزم كون علمه قبل الايجاد على سبيل الكلّية ، فلا يكون عالما بالجزئي من حيث هو جزئي. فهذا خلاف ما بصدده من ردّ كلام الحكماء في نفيهم العلم بالجزئي من حيث هو جزئي. ثمّ قال : ولا ريب في أنّ المحقّق يقول بكون علمه ـ تعالى ـ بانكشاف ذوات الموجودات على النحو الواقع عنده ـ على ما ظهر من كلام شرح الرسالة ـ بحيث لا ينبغي أن يرتاب في ذلك ، كيف ومخالفته مع الحكماء في نفي علمه ـ تعالى ـ بالجزئيات وتشنيعه عليهم في ذلك ـ لشدّة مبالغته في أن يستند جميع الأزمنة والأمكنة إليه تعالى نسبة واحدة ، فلا يلزم تغيّر في علمه من كونه عالما بالجزئيات ـ صريحة في أنّه إنّما خالفهم وشنع عليهم في قولهم بالعلم الصوري الحصولي ونفيهم العلم الانكشافي الحضوري ، وهذه مخالفة أخرى وراء المخالفة في