الارتسام في ذاته. والتشنيع في / ١٧٥ MB / نفيهم العلم بالجزئي إنّما هو في النفي اللازم من العلم الحصولي ، إذ الحكماء مع قولهم بالعلم الحصولي لا ينفون علمه ـ تعالى ـ بالجزئيات رأسا ، فلو لم يكن تشنيعهم / ١٧٥ DB / لأجل قولهم بالعلم الصوري بل لنفيهم العلم بالجزئيات رأسا لم يكن تشنيعه متوجّها عليهم ـ لعدم نفيهم ذلك رأسا ـ ، فاللازم حينئذ أن يؤوّل ما علم من مذهبه من أنّ علمه بالمادّيات بالصور المرتسمة في جوهر عقلي بأن يقال : مراده من الجوهر العقلي الّذي فسّر بالكتاب المبين عبارة عن شخص الانسان الكبير الّذي هو العالم الأكبر بجميع اجزائه ، فانّ مجموع العالم الأكبر من حيث المجموع ـ كما صرّح به المحقّقون ـ شخص وحداني صادر عنه ـ تعالى ـ بالابداع ، وهو من هذه الحيثية جوهر ـ وهو ظاهر ـ ، وعقلي إذ خلق ابداعا بلا مادّة. ولاشتماله على اعيان جميع الموجودات وصورها يكون كتابا ثبت فيه جميع ما صدر عن الباري ـ تعالى ـ بواسطة وبدونها من الأزل إلى الأبد ، وتعبير المحقّق عن « الكتاب المبين » قبيل الكلام المذكور « بدفتر الوجود » يؤيّد هذا الحمل كما لا يخفى ؛ انتهى.
وأنت خبير ببعد هذا التأويل ، مع انّه إذا كان المراد بالجوهر العقلي هو العالم الأكبر بجميع اجزائه وكان حينئذ مراد من قال بعلمه بالموجودات بالصور المرتسمة في الجوهر العقلى انّ علمه بالموجودات إنّما هو بحصولها في العالم الاكبر ـ أي : بصيرورتها موجودة في الخارج ـ لزم عدم علمه بالأشياء قبل الايجاد ؛ والظاهر انّ هذا المحقّق لا يقول به. على انّه قال بأنّ علمه بالمعلولات البعيدة إنّما هو بارتسام صورها في المعلولات القريبة لا في الجوهر العقلي ، ولا ريب في انّه لا يمكن تأويل المعلولات القريبة بالعالم الأكبر بجميع اجزائه ـ كما لا يخفى ـ.
ثمّ قال : والأولى أن يحمل مذهب المحقّق على التفصيل باعتبار المعلولات القريبة ـ أعني : المجرّدات وغير الزمانيات ـ والمعلولات البعيدة ـ أعني : المادّيات والزمانيات ـ ، كما يشعر به كلامه في شرح رسالة العلم ـ على ما نقلنا فيما سبق ـ من الفرق بين المعلولات القريبة والبعيدة ؛ وكما يدلّ عليه كلامه في شرح الاشارات ـ من الفرق بين المعلولات الذاتية وغير الذاتية ـ حيث قال : « فاذن المعلولات الذاتية للفاعل