مذهبه ومذهبهم في مجرّد انّهم قالوا بالعلم الصوري في المجرّدات والمادّيات معا وهو قال به في المادّيات فقط. وممّا يؤيد ما ذكرناه انّ مثل هذا الاضطراب الّذي في كلام المحقّق قد وقع في كلام الحكماء أيضا ، فانّ الكلام الّذي نقله بعض الفضلاء منهم في هذا المقام ـ كما ذكرناه ـ مضمونه بعينه ما ذكره المحقّق في شرح الرسالة ، وحاصله كون نسبة جميع الأزمنة بالنسبة إليه على السواء مع كونهم غير قائلين بموجبه ، فانّ موجبه كون جميع الأشياء حاضرة له ـ تعالى ـ دفعة ، فيكون عالما بذواتها لا بصور زائدة عليها ؛ مع انّهم مصرّحون بخلافه. فمرادهم من ذلك الكلام ما ذكرناه بعينه في توجيه / ١٧٦ MA / كلام المحقّق من كون جميع الأزمنة على السوية بالنسبة إليه في الشهود العلمى الارتباطى أو في الوجود العينى ، لكن بمعنى انّه لا يمكن أن يحصل لشيء من الزمانيات والمكانيات نسبة حضور معه أصلا لا بمعنى حصول الحضور مع استواء النسبة حينئذ للوجه الّذي ذكرناه من حضور الموجودات اللايزالية بوجوداتها العينية عند الواجب في الأزل لكونه محيطا بالزمان متعاليا عنه ؛ انتهى ما ذكره بعد تنقيحه وتوضيحه ـ.
وأنت خبير بفساد هذا الحمل ، لأنّ ما أورده من التحقيق في شرح الرسالة إنّما هو بعد ردّ كلام الحكماء في قولهم بالعلم الصوري الكلّي وعدم قولهم بعلمه بالجزئيات من حيث انّها جزئيات ؛ ومعلوم انّهم قالوا بكون جميع الازمنة على السوية بالنسبة إليه في الشهود العلمي ، فلو كان مراده أيضا كذلك فأيّ ردّ تحصل منه لكلامهم؟! ، وكيف يتصحّح بذلك علمه ـ تعالى ـ بالجزئيات من حيث انّها جزئيات؟! ، فانّ العلم الحضوري لا يكون إلاّ كلّيا ولو تحقّق فيه استواء نسبة الزمانيات إليه ـ تعالى ـ. وحمله على استواء النسبة في عدم حصول حضور شيء من الزمانيات بالنسبة إليه ـ تعالى ـ يخالف الصريح من كثير عباراته المذكورة ، فانّه صرّح بكونه محيطا بالكلّ عالما بأنّ أيّ حادث يوجد في أيّ زمان ، وبكونه عالما بأنّ كلّ شخص في أيّ جزء من المكان يوجد ؛ ولا ريب في أنّ أمثال تلك العبارات لا يناسب الحمل المذكور. ومن احاط بكلمات هذا الفاضل في هذا المقام في تحقيق كلمات المحقّق الطوسي يجد فيها اختلالا كثيرا! ، كما انّ من احاط بكلام المحقّق في مسئلة العلم يجد فيه اختلافا! ، فانّك قد عرفت انّ ما نقلناه منه في