كونه موجودا معه ، وهذا لا يقتضي أن يكون هذا الشيء منطبقا على الزمان كانطباق الحركة وغيرها من الأمور التدريجية عليه بأن يكون كلّ جزء منه بإزاء جزء منه وإلاّ يلزم عدم كون الأجسام زمانية لعدم تدريجها بأن يكون لها أوّل ووسط وآخر ـ لما بيّن في موضعه من امتناع وقوع الحركة في مقولة الجوهر ـ. فإذا تقرّر ذلك فليس الزمان وغيره ممّا وقع فيه بالنسبة إليه ـ تعالى ـ على السواء ، لأنّ المعية في الوجود مع الزمان يمكن أن يتغيّر بتغير الزمان وما في حكمه لا بتغير الواجب وسائر المجرّدات. فالواجب مع براءته عن التغيّر يجوز أن ينسب إلى الزمان بالمعية. وحينئذ فلا خفاء في أنّ نسبة جميع الأزمنة إليه ليست نسبة واحدة ، لأنّه يجوز أن ينسب الواجب ـ تعالى ـ وغيره من المجرّدات في كلّ زمان معيّن ـ كهذا اليوم مثلا ـ إلى ذلك الزمان المعيّن بكونه معه في الوجود ؛ وظاهر انّ نسبة جميع الازمنة بالنسبة إلى هذا اليوم ليست على السواء ، فنسبتها إلى المجرّد الّذي معه أيضا ليست على السواء.
والجواب عن هذا الايراد انّه لا ريب في انّه يصدق في هذا اليوم على المجرّد إنّه موجود معه بمعنى أن يكون اليوم ظرفا للصدق ولا يصدق في هذا اليوم انّ المجرّد موجود معه على أن يكون اليوم ظرفا للمجرّد حتّى يكون معنى قولنا : « موجود معه » : انّه كائن فيه. ومعلوم انّ مجرّد الصدق على المجرّد في هذا اليوم بأنّه موجود معه على أن يكون هذا اليوم ظرفا للصدق لا للمجرد ولا بجعله زمانيا ، لأنّ حاصله انّه يصدق في هذا اليوم إنّه موجود ولا ريب في انّ الصدق على الشيء في زمان بانّه موجود لا يجعل هذا الشيء منسوبا إلى هذا الزمان ، بل ما يجعله منسوبا إلى الزمان يصدق عليه في زمان أنّه كائن فيه ؛ على أن يكون هذا الزمان ظرفا له. ولا ريب في انّه لا يصدق على المجرّد ذلك ، إذ لا تعلّق للمجرّد بهذا اليوم وبغيره من الأزمان أصلا ولا نسبة إليه سوى كونه معه في أصل الوجود ، وكما أنّه يصدق في هذا اليوم ان المجرّد موجود معه في أصل الوجود كذلك يصدق في هذا اليوم انّه موجود مع سائر الازمنة في أصل الوجود ، لأنّ نسبة جميع الأزمنة والأمكنة بالنسبة إليه ـ تعالى ـ نسبة واحدة وهو غير مختصّ بشيء منها ، بل هو محيط على الجميع ولا يعزب عنه ما يوجد في أحد الأزمنة والأمكنة ، بل جميع الموجودات في