الموضوع والمحمول إنّما هو لاثبات / ١١١ DB / المحمول للموضوع وحمله عليه.
ثمّ الوجود في نفسه قد يكون عين وجوده لغيره ـ كوجود البياض ، فانّ البياض موجود في نفسه وموجود للجسم ، لكن وجوده في نفسه عين وجوده للجسم ـ ، وقد يكون غير وجوده لغيره ـ كوجود المال لزيد ، فانّ للمال وجودا لنفسه ووجودا لزيد ووجوده لنفسه غير وجوده لزيد ، ولذا قد يزول وجوده لزيد مع بقاء وجوده لنفسه ـ.
ثمّ الشيء قد يكون باعتبار ذاته موجودا لنفسه غير قائم بغيره ويكون باعتبار وصف زائد على ذاته موجودا لغيره قائما به ؛ وذلك كالكاتب مثلا ، فانّه باعتبار ذاته ـ أعني : الشخص الانساني ـ قائم بذاته غير موجود لغيره ، وباعتبار وصف الكاتبية موجود لغيره وهو ما يصير موضوعا له ـ كزيد مثلا في قولنا : زيد كاتب ـ. وهذا الوجود الرابطي الحاصل باعتبار الوصف راجع في الحقيقة إلى وجود ذلك الوصف.
ثمّ لا ريب في انّ المعقولية والمحسوسية ـ وأمثال ذلك ـ أوصاف زائدة على ذوات الأشياء ، فاذا تعقّلنا الأرض والسماء وأبصرنا السقف والجدار فلا ريب في أنّ ذات الارض أو السماء ليست عين المعقولية ، وذات السقف والجدار ليست عين المحسوسية ، بل هما من الأوصاف الزائدة على ذوات تلك الأشياء وقد عرضتا لها باعتبارها ؛ وهو في الاحساس اعتبار كون صورها حاصلة للجوهر الحاسّ ، وفي التعقّل اعتبار كون صورها المجرّدة حاصلة للعاقل ـ كما في العلم الحصولي ـ أو اعتبار كون ذواتها حاضرة عنده ـ كما في العلم الحضوري ـ ؛ فالمسمّاة مثلا بأحد هذين الاعتبارين موجود للعاقل. واذا كان اطلاق المعقولية على السماء بأحد هذين الاعتبارين ـ أعني : اعتبار كون صورته حاصلة للعاقل ، أو اعتبار كون ذاته حاضرة عنده وكان ذلك معنى وجوده للعاقل ـ فوجود السماء باعتبار كونه معقولا هو عين وجوده لعاقله من حيث انّه عاقل وان لم يكن وجوده في ذاته عين وجوده لشيء آخر. وبالجملة لا ريب في انّ لكلّ معقول وجودا في نفسه ووجودا للعاقل ، والبديهة حاكمة بأنّ وجوده في نفسه وفي الواقع ليس عين وجوده لعاقله ، بل وجوده باعتبار كونه معقولا هو عين وجوده لعاقله من حيث انّه عاقل. وقس على المعقول المحسوس في هذا الحكم.