شيء عنده ـ تعالى ـ انّما هو في وقت وجوده لا حين عدمه ، فتوجيه هذه العبارة بحيث تدلّ على حضور كلّ شيء عنده دائما توجيه لا يرضى به صاحب العبارة.
وأمّا الأمر الثاني فما ذكره هذا الفاضل فى توجيهه من انّ المراد انّ التغير انّما هو في المتجدّدات بنسبة بعضها إلى بعض لا بالقياس إلى الواجب إلاّ بالعرض فهو صحيح بنفسه مطابق لما صرّح به أهل التحقيق من أنّ التغير والتجدّد في الاضافات انّما هو بالنسبة إلى الزمانيات لا بالنسبة إلى الواجب ، إلاّ أنّ الظاهر من كلماته السابقة لهذا العلاّمة انّه يلزم تغير الاضافات بالنسبة إليه ـ تعالى ـ أيضا ، وحينئذ فتوجيه كلامه بما ذكر لا يخلوا عن تكلّف ؛ وقد ذكرنا انّ قوله بذلك مخالف للتحقيق ومناف لما ذكره أساطين الفن.
وممّا يؤكّد ذلك ما قاله العلاّمة الشيرازي في شرح حكمة الاشراق بقوله : « وممّا يجب أن يعلمه ويحققه انّه ليس للحقّ الواجب اضافات مختلفة يوجب اختلاف حيثيات فيه ، بل له اضافة واحدة هي مبدأ يصحّح جميع الاضافات ـ كالرازقية والمصوّرية ونحوهما ـ. ولاسلوب فيه كذلك ، بل له سلب واحد يتبعه جميع السلوب وهو سلب الامكان ، فانّه يدخل تحته سلب الجسمية والعرضية وغيرهما كما يدخل تحت سلب الجماد من الانسان سلب الحجرية والمدرية عنه ؛ وإن كان السلوب يتكثّر على كلّ حال » (١).
والغرض انّ الاضافات والسلوب المختلفة قد تكون باعتبار حيثيات مختلفة موجودة في ذات المضاف إليه والمسلوب عنه فيحصل التكثر والتركب في ذاتهما ؛ / ١٧٩ DA / مثال الأوّل كاضافة العالمية لزيد ، فانّه لقيام صورة زائدة مع ذاته بذاته ؛ وكاضافة القادرية له ، فانّه لقيام قوّة زائدة على ذاته بذاته. ومثال الثاني كسلب الجمادية عن الانسان ، فانّه باعتبار حيثية النموّ في الانسان وسلب الشجرية عنه ، فانّه باعتبار حيثية الحساسية فيه ؛ وكسلب الفرسية عنه ، فانّه باعتبار حيثية الناطقية فيه. فمثل هذه الاضافات والسلوب يوجب التكثّر والتركّب في ذات المضاف إليه والمسلوب عنه.
__________________
(١) راجع : شرح حكمة الاشراق ، ص ٣١٣.