ـ تعالى ـ كعلمنا ، لا مجرد إنّ وجوده ـ تعالى ـ ليس كوجودنا. فهذا الجواب لا يفيد ، بل الجواب ما ظهر ممّا ذكرناه.
ثمّ انّه من الأفاضل من حمل قول الخفري على انّ مراده انّ حكمه ـ تعالى ـ لا يتعلّق بعدم شيء بالنسبة إليه ـ سبحانه ـ ، بل يتعلّق بالعدم بالنسبة إلى الغير بمعنى انّه يحكم بعدم بعض الحوادث بالنسبة إلى بعض آخر ؛ فقال في تفسير قوله : « لا يحكم بالعدم المطلق أو بالعدم في الحال ـ ... إلى آخره ـ » اى : لا يحكم الله ـ سبحانه ـ على عدم شيء أعمّ من أن يكون بالنسبة إليه ـ تعالى ـ أو بالنسبة إلى الغير بأن يكون بعض الحوادث معدوما بالقياس إلى شيء من الأمور الزمانية ، لأنّه لا يحكم على النحو الأوّل لأنّه لا يتصوّر عدم المعلول بالنسبة إليه ، بل إنّما يحكم على النحو الثاني.
ولا يخفى بعد هذا الحمل وعدم انطباق أكثر كلماته عليه ؛ فالصواب انّ مراد الخفري ـ رحمهالله ـ هو ما ذكرناه ـ لتصريحه به في كلماته السابقة أيضا ـ ؛ هذا.
ثمّ الظاهر من كلام المحقّق الدواني في بعض تصانيفه في تصحيح عدم التغيّر في علمه ـ سبحانه ـ بالجزئيات اختياره العلم الاجمالي وقوله بأنّه لا يلزم تغيّر في العلم الاجمالي بالجزئيات ، فبهذا العلم يعلم الجزئيات من حيث هو جزئيات مجملة من دون لزوم تغيّر فيه ؛ فانّه قال بعد نقل شبهة لزوم التغيّر في ذاته ـ تعالى ـ أو جهله ـ سبحانه ـ في علمه بالجزئيات المتغيّرة ، قلت : انّه ـ تعالى ـ يعلم المتغيّرات على وجه لا يتطرّق إليه تغيّر مع كونه مطابقا للواقع ، مثلا يعلم انّ الحادث الفلاني يوجد في الآن الفلاني أو الزمان الفلاني ويعدم في الآن أو الزمان الّذي بعده. وهكذا في سائر الحوادث ، فانّه يعلمها بعلم اجمالي هو عين ذاته على وجه لا يتطرّق إليه تبدّل ـ كما في علمنا الاجمالي بالأمور المترتّبة المتعاقبة ـ. وإنّما يلزم التغيّر فيه / ١٨٠ DA / لو كان علمه بسبب حضوره في الآن أو الزمان ، مثل أن تعلم أنّ زيدا قائم الآن وإذا قعد فلا بدّ أن يتغيّر وتعلم انّه قاعد الآن وإلاّ كنت جاهلا بحاله ، وكان استمرار علمك بقيامه جهلا مركّبا. وأمّا إذا فرضنا أن تعلم انّ زيدا في ذلك الآن أو في ذلك البعض من الزمان بصفة القيام وفي ذلك البعض الآخر بصفة القعود ولم يتعين الزمان والآن بالحضور عندك ـ بل بالأشياء