اخترناه كما يكون ذوات الأشياء بوجوداتها العينية منكشفة عنده ـ تعالى ـ أزلا وأبدا كذلك يكون صورها المرتسمة في أي محلّ كان منكشفة عنده دائما.
وقيل : يمكن أن يكون « الكتاب المبين » على هذا المذهب ـ أي : على المذهب المختار ـ عبارة عن لوح الوجود باعتبار حضوره مع ما فيه دفعة واحدة ومرّة غير مستمرّة عنده ـ تعالى ـ ، ويعبّر عنه باللوح المحفوظ أيضا. وحينئذ يكون علمه الّذي به يرسم تلك النقوش في ذلك الكتاب ولوح العقل الأوّل ارادته ـ تعالى ـ المتعلّقة بافاضة الوجودات والخيرات على الدوام ؛ ويمكن أن يكون « اللوح المحفوظ » عبارة عمّا ذكرنا ؛ و « الكتاب المبين » عبارة من طومار الزمان وصفحة المادّة الكلّية باعتبار انتقاشها بصور ما في الكون تدريجا كلّ في وقته. وحينئذ يكون « القلم » باعتبار اللوح المحفوظ ما ذكرنا ، وباعتبار الكتاب المبين مجموع العقول.
وأمّا القضاء والقدر فالأوّل عبارة عن الكتاب المبين بالمعنى الأوّل ـ أعني : اللوح المحفوظ ـ ، والثاني عبارة عن الكتاب المبين بالمعنى الثاني ، فالقضاء لا يقبل التغيّر والقدر يقبله.
وأمّا ما ذكره من : « أنّ التغيّر في حضورها إنّما يكون تغيرا في النسبة والاضافة ـ ... إلى آخره ـ » ، ففيه : ما عرفت من أنّ التغير في حضورها إنّما هو فيما بينها ولبعضها بالنسبة إلى بعض لا بالنسبة إليه ـ تعالى ـ فان جميعها / ١٨٠ MB / حاضرة عنده ـ تعالى ـ دفعة واحدة ، ولو كان ذلك التغيّر في الحضور بالنسبة إليه ـ تعالى ـ لزم التغيّر فيه / ١٨١ DB / البتة ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ.
وإذا عرفت ما ذكرناه تعلم انّه لا ريب في أنّ كلام الشيخ ـ ككلام غيره من القائلين بالعلم الحصولي ـ صريح في أنّ علمه ـ سبحانه ـ بالجزئيات إنّما هو بالصور الكلّية وانّه ـ تعالى ـ لا يعلم الجزئيات بوجه الجزئية. ولو لم يعترفوا به لكان ذلك مخالفا لمذهبهم من العلم الحصولي ، لكونه لازما له.
وبذلك يعلم ضعف قول بعض الأفاضل حيث أورد على العلاّمة الخفري ـ رحمهالله ـ بأنّ كلام الشيخ لا يدلّ على ذلك ، ولا يلزم نفي علمه بالجزئيات من حيث أنّها