مثقال ذرّة في السموات ولا في الارض ». ونعم ما قال الشيخ : « وهذا من العجائب الّتي يحوج تصوّرها إلى لطف قريحة ».
وجميع ما ذكرناه يستفاد من كلماته في التعليقات حيث قال في موضع منه : تعقّل الأوّل ـ تعالى ـ عقل بسيط لذاته وللوازم عنها وللموجودات كلّها ـ حاصلها وممكنها ، أبديها وكائنها وفاسدها وكلّيها وجزئيها ـ إلى اقصى الوجود معا لا بقياس وفكر وتنقّل في المعقولات ، فانّه تعقّلها ـ كلّها ـ معا على الترتيب السببي والمسببي. وقال في موضع آخر منه : الأوّل يعرف الشخص وأحواله الشخصية ووقته الشخصي ومكانه الشخصي من أسبابه ولوازمه الموجدة له المؤدّية إليه. وهو يعرف كلّ ذلك من ذاته ، إذ ذاته سبب الأسباب ، فلا يخفى عليه شيء ولا يعزب عنه مثقال ذرّة. فما نسب إلى الشيخ من أنّه قائل بأنّ علمه بالأشياء بالصور الكلّية وانّ الأشياء غير منكشفة له ـ تعالى ـ بوجودها العيني ونفي هذا الانكشاف كفر صريح ، اشتباه ناش من عدم فهم كلام الشيخ! ، فانّه لا ريب في أنّ نفي هذا الانكشاف كفر صريح في الشريعة ، بل كفر صريح في مذاق العقل وشريعة البرهان أيضا ؛ إلاّ انّ كلام الشيخ في براءة عمّا نسبوا إليه » ؛ انتهى.
وأنت خبير بأنّ القسم الثاني ـ الّذي حمل كلام الشيخ عليه ـ هو احد الوجهين اللّذين اخترناهما في تصحيح علمه بالمعدومات وعدم التغيّر في علمه ، وهو انّه ـ تعالى ـ لكونه عالما بذاته وكون ذاته علّة لجميع الأشياء ـ لكون الأشياء منكشفة عنده تعالى حين وجودها وحين عدمها ، لأنّ حضور العلّة في باب انكشاف المعلول أقوى من حضور المعلول بذاته ـ فيكون الأشياء المعلومة له / ١٨٢ DA / ـ تعالى ـ بأسرها معلومة له منكشفة عنده ، وتكون الجزئيات معلومة له بوجه جزئي.
وأنت خبير بأنّ حمل كلام الشيخ على ذلك مجرّد تعسّف لا يقبله طبع قويم وذهن مستقيم! ؛ كيف والشيخ قائل بالعلم الحصولي وهذا القسم الّذي حمل هذا الفاضل كلام الشيخ عليه ليس إلاّ علما حضوريا ـ كما عرفت سابقا ـ ، فكيف يمكن أن يكون مذهب الشيخ ذلك؟!.
وهذا الفاضل هو الّذي اعتقد انّ الشيخ قائل بالعلم الحضوري ، وقد عرفت فساد