أحدهما : أن يكون فرض الشركة بالنسبة إلى من هو معلوم له بالذات وعدم الشركة بالنسبة إلى من هو معلوم له بالعرض حتّى يكون المعلوم بالذات مناط الكلّية والمعلوم بالعرض مناط الجزئية ؛
وثانيهما : أن يكون بالعكس من ذلك.
وفي ثانى النظر ـ أي : بعد التأمّل ـ يظهر بطلان أحد القسمين ، وهو القسم الأوّل ؛ لأنّ المعلوم بالذات هو المعلوم بالعلم الحضوري والمعلوم بالعرض هو المعلوم بالعلم الحصولي ، فإذا كان المعلومية بالذات مناط الكلّية والمعلومية بالعرض مناط الجزئية لزم أن يكون ذات الشيء المعلوم بالعلم الحضوري مناط الكلّية والصورة الحاصلة منه مناط الجزئية. وهذا باطل ، لظهور امتناع كلّية الشخص المعلوم بالعلم الحضوري من حيث هو كذلك مع جزئية الصورة الحاصلة منه ، لأنّ ذوات / ١٨٣ MA / الأشياء جزئيات والكلّيات ليست إلاّ مفهوماتها وماهياتها / ١٤ DB / الحاصلة في الاذهان. وامّا القسم الثاني فهو في حكم الاحتمال الثاني في انّه لا يصلح لتوجيه كلامهم ؛ لأنّه على هذا القسم يكون علمه ـ تعالى ـ بالصورة ، فيعزب عنه الموجودات العينية باعتبار الوجود العيني الّذي فيه التغيّر.
وقيل : القسمان المتصوّران في بادي النظر : أحدهما : كون هذا الشخص معلوما بالذات للواجب وبالعرض لنا ؛ والثاني : كونه على عكس ذلك ـ أي : كونه للواجب معلوما بالعرض ولنا معلوما بالذات ـ. وفي ثانى النظر يظهر بطلان أحد القسمين وهو القسم الثاني ، للزوم كون علمه ـ تعالى ـ بالشخص المذكور حصوليا وعلمنا به حضوريا ، وهو يستلزم كون انكشافه بالقياس إلينا أتمّ منه بالنسبة إليه ـ تعالى ـ. والقسم الأوّل مثل الاحتمال الثاني في البطلان ، لأنّه إذا كان الشخص المذكور معلوما بالذات بالقياس إلى الواجب ومعلوما بالعرض بالقياس إلى غيره لم يتحقّق حينئذ أمر واحد يكون معلوما بالذات بالقياس إلى العالمين ويكون بالقياس إلى أحدهما جزئيا وبالقياس إلى الآخر كلّيا ، بل المعلوم بالذات لأحدهما حينئذ يكون غير المعلوم بالذات للآخر ؛ هذا ما ذكره العلامة الخفري ـ رحمهالله ـ في هذا المقام بتوضيحه.