وأورد على قوله في الاحتمال الأوّل : « ولا شبهة في أنّ هذا المعلوم ـ أي : المعلوم بالعلم الحضوري ـ إذا كان مانعا عن فرض الشركة فيه عند أحدهما كان مانعا عنه عند الآخر أيضا ـ : بأنّه يجوز تعدّد الحضور بالاعتبار ، فربما يكون للمادّي مثلا حضور عند المادي يكون بحسبه جزئيا عنده مع امتناع هذا الحضور عند المجرد ، وله حضور آخر عند المجرّد يكون بحسبه كلّيا ـ كما في الصورة ـ.
وأورد على الاحتمال الثاني الّذي ذكره : بأنّه يجوز للقائل بالانطباع أن يختار هذا الاحتمال ويقول : انّ المعلوم بالذات لواحد من العالمين صورة مجرّدة كلّية وللآخر صورة مادية تخييلية جزئية مع الاتحاد في المعلوم بالعرض ـ أعني : الجزئي المشخّص ـ.
وما قيل : من انّه في هذا الاحتمال انّ علم كلّ واحد من العالمين بصورة مطابقة والصورة المطابقة لشيء واحد جزئي لا يمكن أن يكون مانعة وغير مانعة ؛
ففيه ؛ انّ هذا الكلام إنّما يصحّ على تقدير تسليم كون الكلّية والجزئية بنحو من الادراك ؛ وعلى هذا التقدير لا وجه لهذا الكلام.
وأيضا : كون كلّ من الصورتين مطابقة لا ينافي كون إحداهما كلّية والأخرى جزئية ـ لجواز كون الشيء الواحد كلّيا وجزئيا باعتبارين ـ ، ونفي هذا ليس إلاّ مجرّد استبعاد لا يسمع في المطالب العلمية.
وما قيل في بيان عدم مدخلية هذا الاحتمال لتصحيح التأويل المذكور ؛
فأورد عليه : انّ المعلوم بالذات ـ الّذي هو الصورة المجرّدة ـ نائبة مناب الإحساس والتخيل ، فيتناول اتمّ منها بالنسبة إلى الله ـ تعالى ـ.
ولا يخفى ما في هذا الايراد ، فانّ الإحساس والتخيل يتناولان الجزئية والصورة المجردة الكلّية لا يتناولها.
وقد ظهر ممّا ذكر انّ ما ذكره العلاّمة الخفري ـ رحمهالله ـ ليس تامّا في دفع انّ التفاوت ما بين الكلّية والجزئية بنحو من الادراك ، لا التفاوت في الدرك ولم يأت بشيء يظهر منه جليلة الحال.
وقد ذكر بعد كلامه المذكور كلمات آخر لتحقيق المقام ، فلا بدّ لنا أن نوردها ونشير