الجزئية وغير ذلك من صفاتها وأحوالها انكشافا دائميا مقدّسا عن شوائب التغيّر والتجدّد. وبذلك يظهر فساد ما ذهب إليه الحكماء الحصوليين من القول بالعلم الارتسامي الكلّي ؛ وكذا يظهر فساد ما ذكره هذا العلاّمة بقوله : « وان اريد به العلم الّذي هو الحضور المتجدد الزماني » ، وبقوله : « فانّه إن اريد به العلم الّذي هو الحضور الزماني الّذي هو باعتبار الوجود العينى ـ ... إلى آخره ـ » ، فانّ الحضور المتجدّد والحضور الزماني ليس علما للواجب ـ تعالى ـ ، بل الحضور المتجدّد الزماني إنّما هو المعلوم حقيقة وليس للواجب علمان / ١٨٦ DA / أحدهما زماني متغير والآخر غير زماني غير متغير ، بل علمه علم واحد مقدّس عن الزمان وعن التجدّد والحدثان ويكون ثابتا مستمرّا أزلا وأبدا فنفي علمه ـ تعالى ـ بمعنى الحضور الزماني المتجدد لا يتعلّق به كفر ، بل الاعتقاد به إنّما كاد أن يكون كفرا!.
ثمّ قال بعد هذا الكلام المنقول : وأيضا ظهر حال قولهم ـ أي : قول المؤوّلين ـ : فكلّ ما ندركه نحن بطريق الإحساس كالتخيل فهو مدرك له ـ تعالى ـ بطريق التعقّل ، فانّه إن اريد بالتعقّل ما هو اصطلاح الفلاسفة ـ على ما يعلم من كلام بهمنيار حيث قال : « المعلوم المجرّد عمّا سواه أو ما يقارنه مقارنة مؤثّرة يسمّى معقولا والمعلوم بما هو مخالط لغيره يسمّى محسوسا ـ ورد عليه : انّ الكلام ليس فيه ، لأنّ الكلام في علمه ـ سبحانه ـ بالماديات الجزئية من حيث هي ماديات متجزئة ؛
وإن اريد به ادراك المحسوس والتخيل بالحاسّة المدركة بل بحضور ذاته وصورته الحسّية والخيالية ـ كما هو حاضر عند النفوس الناطقة ـ ورد عليه : انّ هذا هو الّذي نفاه الفلاسفة ـ لكونه مستلزما للتغير ـ ، ويتعلّق بذلك النفي كفرهم ؛ انتهى.
وتوضيح كلام بهمنيار : إنّ ما يسمّى « معقولا » على قسمين :
أحدهما : المعلوم المجرّد عمّا سواه ، أي : المعلوم الّذي جرّد عن غيره ، يعنى يكون مجرّدا عمّا يلحقه من العوارض المادّية ؛ وبالجملة يكون مجردا بحتا ـ مثل العقول المفارقة ـ ؛