نفيهم علمه ـ سبحانه ـ بالجزئيات المتغيّرة باعتبار وجوداتها العينية ، وهو لازم من كلامهم ـ سواء أثبتوا في الأشخاص المادّية ما ليس له ماهية كلّية أم لا ـ ؛ انتهى.
وأنت خبير بأنّ الشقّ الأوّل من كلامه هو إرادة اثبات ادراك المحسوسات والمتخيلات باعتبار الحضور العيني ، وما ورد عليهم هو انّهم لم يثبتوا ذلك ، فيلزم عليهم عدم علمه بالموجودات العينية من حيث انّها موجودات عينية ؛ وهذا هو اللازم عليهم أيضا في الشق الثاني ، فالفساد / ١٨٦ DB / الوارد على الشقّين واحد.
ثمّ ما نسب إلى الشيخ وأمثاله من الفلاسفة من نفيهم ادراكه ـ تعالى ـ للمحسوسات والمتخيلات باعتبار الوجود العيني واستشهد بذلك على ما ذكره الشيخ في الاشارات فقد ردّ عليه بعض الأفاضل وانكر دلالة عبارات الاشارات على ذلك ؛ فلا بدّ لنا من نقل تمام عبارته مع توضيح ما يحتاج إلى الايضاح ، ثمّ نقل ما ذكره بعض الأفاضل ، ثمّ الاشارة إلى ما هو الحقّ.
فنقول : قال الشيخ : « اشارة الأشياء الجزئية قد تعقل كما تعقل الكلّيات من حيث تجب بأسبابها منسوبة إلى مبدأ نوعه في شخصه بتخصيص به ، كالكسوف الجزئي فانّه قد يعقل وقوعه بسبب توافي أسبابه الجزئية واحاطة العقل بها وتعقّلها كما تعقل الكلّيات. وذلك غير الادراك الجزئى الزماني الّذي يحكم انّه وقع الآن أو قبله أو يقع بعده ، بل مثل أن تعقل أنّ كسوفا جزئيا يعرض عند حصول القمر وهو جزئي ما وقت كذا ، وهو جزئي ما في مقابلة كذا. ثمّ ربما وقع ذلك الكسوف ولم يكن عند العاقل الأوّل احاطة بأنّه وقع أو لم يقع وإن كان معقولا له على النحو الأوّل ، لان هذا ادراك آخر جزئي يحدث مع حدوث المدرك ويزول مع زواله ، وذلك الأوّل يكون ثابتا لدهر كلّه وإن كان علما بجزئي » (١) ؛ انتهى.
ثمّ قال بعد فصل آخر : « تذنيب. فالواجب الوجود يجب أن لا يكون علمه بالجزئيات علما زمانيا ـ ... إلى آخر ما نقله العلاّمة الخفري رحمهالله ـ.
وإذا عرفت تمام كلامه فنقول في إيضاح بعض الفاظه : انّ قوله : « الأشياء الكلّية
__________________
(١) راجع : شرح الطوسي على الاشارات ، ج ٣ ص ٣٠٧.