في الآن » ليس المراد به نفي علمه بهذا الوقوع الخاصّ حتّى يلزم عزوب الجزئي عن علمه ويتوجّه الكفر ، لأنّ « الآن » ظرف للحكم لا للمحكوم عليه ، لأنّ غرض الشيخ ليس إلاّ نفي التغيّر عنه ـ تعالى ـ وعن علمه ـ سبحانه ـ ، وما يستلزم التغيّر في الحكم إنّما هو الأوّل ـ لأنّ حكمه بالوقوع أو عدمه في الآن بأن يكون الآن ظرفا للحكم يوجب كونه زمانيا ـ ؛ دون الثاني ، فانّ كون الآن ظرفا للمحكوم عليه وكونه ـ تعالى ـ عالما بأنّ هذا الآن ظرف لهذا المحكوم عليه لا يوجب تغيرا فيه ـ سبحانه ـ. فقول الخفري ـ رحمهالله ـ : « وهذا القول كفر صريح » ليس على ما ينبغى ، لأنّه إنّما يلزم أن يكون كفرا لو كان نفي الوقوع في الآن على أن يكون الآن ظرفا للمحكوم به ، وليس كذلك : لانهم إنّما قالوا بذلك النفي حذرا عن لزوم التغير ، وظاهر انّه لا يلزم التغير على هذا التقدير ـ أعني : تقدير كون الآن ظرف للمحكوم عليه ـ ، بل إنّما يلزم التغير على تقدير تعلّق الظرف بالحكم ، فهو المنفي.
إذا عرفت ذلك فاعلم! : انّه لا ريب في أنّ التأمّل في هاتين العبارتين يفيد أنّ مراد الشيخ منهما ليس إلاّ بيان أنّ علم الواجب الأوّل ـ سبحانه ـ بالجزئيات كلّي غير متغير مقدّس عن الزمان والدهر ، وأمّا كون هذا العلم الكلّي بحيث لا يخرج عنه شيء من المشخّصات والمخصّصات الجزئية والوجودات العينية أو لا يخرج عنه شيء منهما فلا يعلم منهما صريحا ـ كما في أكثر عبارات القائلين بالحصول ـ. نعم! ، الظاهر من قوله : « ولم يكن عند العاقل الأوّل احاطة بأنّه وقع أو لم يقع » : انّه ـ سبحانه ـ لا يكون عالما بأنّ هذا الشيء الخاصّ وقع في الآن أو في الوقت الفلاني أو لم يقع ، كما فهمه العلاّمة الخفري ـ رحمهالله ـ وكفّر قائله للزوم خروج بعض الأشياء حينئذ ـ وهو كون الحادث الفلاني موجودا في الوقت الفلاني ـ من علمه ـ تعالى ـ. وما نقلنا من القول بكون الآن أو الوقت ظرفا للحكم دون المحكوم عليه خلاف الظاهر من العبارة ، لأنّه على تقدير تعلّق الظرف بالمحكوم عليه دون الحكم يكون المراد إنّ حكم الواجب بالوقوع أو اللاوقوع ليس زمانيا متعلّقا بهذا الآن أو الوقت الخاصّ وإن كان المحكوم عليه زمانيا متعلّقا بذلك وكان الواجب عالما بذلك ؛ ولا ريب في أنّ الظاهر من قوله : « ولم يكن عند العاقل الأوّل