احاطة ـ ... إلى آخره ـ » : إنّ الأوّل ـ تعالى ـ ليس عالما بوقوعه في الآن أو الوقت الفلاني وتعلّقه بهما.
وإذا احطت بما ذكرناه هنا وبما قرّرناه فيما سبق لا اظنّك شاكّا في أنّ مذهب الحصوليين إنّ علم الواجب بالجزئيات كلّي ، وكون ذلك كفرا مبني على أنّه هل يخرج عنه بعض الأمور أم لا. وقد عرفت انّه قد وقع الخلاف في ذلك بين المتأخّرين ، فجلّهم وجّهوا كلام الحصوليين وقالوا : إنّ مناط الكلّية والجزئية عندهم بنحو من الادراك لا التفاوت في المدرك ؛ وبعضهم قالوا : إنّ ذلك باطل ـ لظهور التفاوت بين المدرك بالادراك الكلّي والمدرك بالادراك الجزئي ـ ، ولم يأت شيء من الفريقين بما يظهر منه حقيقة الحال. فالمهمّ هنا بيان ذلك ـ أي : بيان انّ مناط الكلّية والجزئية هل بمجرّد نحو من الادراك دون التفاوت في المدرك حتّى لا يخرج شيء من الجزئيات المعلومة بالعلم الكلّي أو بالتفاوت في المدرك حتّى يخرج شيء منها ـ.
فنقول لتحقيق ذلك : لا ريب في أنّ الجزئي هو الكلّي بانضمام التشخّص ؛ فكلّ جزئي إن علم بانّه الجزئي يكون معلوما بطبيعته وشخصه ، وإن علم بالنحو الكلّي يكون معلوما بطبيعته دون شخصه ، فلا بدّ لنا من بيان انّ التشخّص هل هو أمر محقّق في الواقع خروجه / ١٨٨ DA / مستلزم لخروج أمر عن علمه ، أم لا. فلا بدّ لنا أوّلا أن نذكر انّ التشخّص ما ذا؟ ، ثمّ نشير إلى أنّ خروجه عن العلم هل هو خروج أمر محقّق عن علمه ويلزم منه الكفر ، أم لا؟.
فنقول : قد ذهب جماعة إلى أنّ التشخّص أمر موجود في الخارج زائد على الماهية ينضمّ إليها وتصير الماهية به جزئية حقيقية وشخصية ، ونسبته إلى الماهية نسبة الفصل إلى الجنس. وذلك الأمر لا ماهية له كلّية ليحتاج الى تشخّص آخر ، واشتراكه بين التشخّصات ليس إلاّ مفهوم عرضي. وذهب / ١٨٦ MA / جماعة من المحقّقين إلى أنّ التشخّص الموجود أمر اعتباري نفس أمري غير زائد في الخارج على الماهية المتشخّصة بمعنى أنّ الجاعل كما يجعل الماهية في الخارج بحيث تصير مبدئا للآثار ومصدرا للاحكام وينتزع منها العقل باعتبار تلك الحيثية مفهوم الوجود بدون أن يكون لذلك الانتزاع منشأ