مادّيا لا محالة ، فيلزم أن لا يحصل العلم بها للمبادي العالية ، وهذا هو منشأ التشنيع على الحكماء بانّهم ينفون علم الواجب بالجزئيات وانّهم لا يعتقدون احاطة علمه ـ تعالى ـ بجميع المعلومات ـ تعالى عن ذلك ـ. ثمّ بيّن انّه ليس في الممكنات تشخّص لا يكون حقيقة نوعه امّا منحصرة في فرد أو منتشرة في افراد ولا يوجد ما يسمّى تشخّصا يكون بنفس حقيقته جزئيا. ثمّ قال : ثمّ ان تلك الحقائق إذا ادركت بالحواسّ كان صورها الادراكية جزئية وإذا ادركت بالعقل كان صورها كلّية ، فالاختلاف في الكلّية والجزئية لاختلاف نحو الادراك لا لاختلاف المدرك. وادراك الواجب يتعلّق بجميعها على وجه التعقّل ، فاذن لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. فحاصل كلام / ١٨٨ DB / الحكماء نفي التخيل والإحساس عنه ـ تعالى ـ واثبات ادراك جميع الموجودات له على نحو التعقّل الصرف المقدّس عن الشوائب والقصور ؛ انتهى.
وقال صدر المحقّقين في هذا المبحث : ليس التشخّص الجوهري مثلا إلاّ الماهية النوعية المقترنة بالكمّ والكيف والوضع وغيرها من المقولات التسعة العرضية ، ولا يدخل فيه أمر زائد على الماهية النوعية. ولذلك إذا سئل عنه « بما هو؟ » يقع النوع في الجواب ، فانّ ادراك الشخص المذكور بالحسّ كان تصوّره مانعا عن فرض الشركة وإن ادرك لا بالحسّ كان تصوّره غير مانع من فرضها ، وإن كان المدرك واحدا في الصورتين. مثلا إذا علّمت لمخاطبك ما علمته بالحسّ وقلت مثلا قطرة الماء المتقدّرة بالمقدار الكذائي في الأين الفلاني ـ إلى غير ذلك ـ حتّى يدرك المخاطب قطرة ماء متصفة بجميع الصفات الّتي ادركت القطرة متصفة بها في الحسّ فتصوّرك للقطرة المذكورة يمنع الشركة وتصوّر مخاطبك لا يمنع عنه ، مع أنّ المتصوّر واحد. فظهر أنّ منشأ المنع المذكور هو الادراك الحسّى الّذي يخصّصه بحيث يصير جزئيا ، كيف / ١٨٦ MB / لا وتصوّر الشبح البعيد إذا كان بالحسّ كان مانعا عن فرض الشركة فيه وإن كان أكثر صفاته ـ بل مهيته أيضا ـ مجهولة له حينئذ.
وإذا عرفت أنّ تصوّر معنى واحد قد يكون مانعا عن فرض الشركة فيه وقد لا يكون مانعا عن فرضها بحسب نحوي الادراك فاعلم : أنّ ما ذهب إليه الحكماء من أنّ