ادراك القطرة جزئية بنحو آخر غير الإحساس ، إذ لو امكنك الاطّلاع الحضوري بها بدون الإحساس لأدركتها جزئية ، ولو أمكنك تعليمك مخاطبك بذلك النحو من الوقوع لكان ادراكه أيضا جزئيا. وحينئذ يرد على ما تمسّك به ـ من أنّ تصوّر الشبح البعيد إذا كان بالحسّ ... إلى آخره ـ : انّ الادراك الّذي هو مانع عن فرض / ١٨٩ DB / الاشتراك إنّما هو العلم بنحو وقوع الشيء في الخارج ، لا بمهيته أو باكثر صفاته ، فحيث حصل لنا العلم بوجه وقوع الشبح في الخارج ـ سواء كان بالحسّ أو بالعلم الحضوري ـ كان جزئيا مانعا عن فرض الاشتراك ، وجهلنا بالماهية وصفاته لا يقدح في كونه ممتنع الاشتراك.
وممّا قرّرناه وحقّقناه من ذهاب الفلاسفة إلى العلم الحصولي ولزوم كونه كلّيا وخروج التشخص عنه ظهر بطلان توجيهين ذكرا من قبل الفلاسفة تاويلا لقولهم بكون علم الواجب بالجزئيات على الوجه الكلّي دون الجزئي ؛
أحدهما من المحقّق الطوسي ، وهو : انّ مرادهم بالقول بأنّ واجب الوجود يعلم الجزئيات بوجه كلّي لا جزئي انّه ـ تعالى ـ يعلم الجزئيات بالكلّية ـ أي : جميعها ـ بحيث لا يعزب عنه ـ تعالى ـ شيء عنها ، لا انّه ـ تعالى ـ يعلم بعضها ويعزب عنه بعض آخر ـ كما هو شأن الممكن ـ.
وقد تقدّم ما يرد على هذا التوجيه مفصّلا ونقلنا ما أورد عليه بأنّ في تاويل / ١٨٧ MB / كلام الفلاسفة ـ سيّما المتأخّرين إليه ـ بحث من وجهين ، وبينّا وجهي البحث بما لا مزيد عليه.
وثانيهما من صاحب المحاكمات وبعض آخر ، وهو : انّ مرادهم بالقول بأنّ واجب الوجود يعلم الجزئيات بوجه كلّي لا بوجه جزئي : انّه ـ تعالى ـ يعلم الجزئيات بوجه يشابه الكلّي في أن لا يتغيّر العلم بها.
ويرد عليه ـ مضافا على ما أورد على التوجيه الأوّل ـ : شدّة بعد حمل العبارة عليه ، لأنّ الانتقال من « وجه كلّي » أو « الوجه الكلّي » إلى « وجه يشابه الكلّي » من قبيل الانتقال من اللفظ إلى المعنى لا دلالة له عليه باحدى الدلالات ، وإنّما كان الانتقال ممكنا لو كان العبارة « على الوجه الكلّي » أو « على وجه كلّي » على سبيل الاضافة دون