التوصيف.
وقد تلخّص ممّا ذكرناه انّ القول بالعلم الحصولي الكلّي باطل ، وكذا القول بالعلم الاجمالي والتفصيلي ؛ وانّ الحقّ المختار هو انّ علم الواجب ـ سبحانه ـ علم واحد حضوري تفصيلي فعلي غير زماني وغير متغير ومتجدّد ومقدم على ايجاد الأشياء يعلم به الأشياء ـ كلّياتها وجزئياتها ـ على الوجه الجزئي أزلا وأبدا على نهج واحد من غير تغيّر وتجدّد ، وانّ علمه المتعلّق بالأشياء اضافة اشراقية انكشافية وليس فيه تغيّر بالنسبة إلى ذاته ، ومناط هذا الانكشاف مجرّد ذاته الحقّة ، وليس هذا الانكشاف حادثا بحدوث الأشياء ـ كما زعمه الخفري ـ رحمهالله ـ ونسبه إلى المحقّق الطوسي ـ ، وانّ مصحّح انكشاف الأشياء وحضورها بأنفسها عنده قبل وجودها العيني مع توقّفه على الوجود الخارجي هو كونها لوازم ذاته ومقتضيات وجوده مع كونها ثابتة له ـ تعالى ـ في الأزل وإن لم يوجد فيه ـ على ما مرّ مفصلا ـ. وهو الّذي دلّ عليه قواطع البرهان ويشهد به شواهد القرآن ونطقت به الاخبار الواردة عن النبي وآله الكرام ـ عليهم الصلاة والسلام ـ ، كما عرفت مفصلا ؛ هذا
وامّا الفرقة الرابعة ـ وهم الّذين قالوا انّ الواجب تعالى لا يعلم الحوادث قبل وقوعها ـ ؛ فشبهتهم في ذلك : انّه لو علم الواجب الحوادث قبل وقوعها لزم أن تكون تلك الحوادث ممكنة وواجبة معا ، والتالى باطل ـ للتنافي بين الوجوب والامكان ـ.
بيان الملازمة : انّها ممكنة لكونها حادثة وواجبة لوجوب وجودها بالنظر إلى تعلّق العلم بها وعدم جواز تخلّفها عنه ـ سبحانه ـ ، فانّها لو لم تكن واجبة وأمكن أن لا توجد لانقلب علمه ـ تعالى ـ جهلا.
والظاهر ـ كما قيل ـ : انّ هذا الدليل لا اختصاص له بالحوادث ، بل لو تمّ لدلّ على أنّه ـ تعالى ـ لا يعلم الممكنات مطلقا ـ سواء كانت قديمة أو حادثة ـ. ومناط الدليل استنباط وجوب الأشياء من علمه ـ تعالى ـ لو علم ، وانّه لا يجتمع مع الامكان ، ولا دخل للحدوث في ذلك.
والجواب : بأنّ الوجوب الغيري لا ينافي الامكان الذاتي ؛ مشترك.