لجميعها بحيث لا يلزم منه تركّب وتكثّر ، فهو أحدي فرد ذاتا وصفة ـ كما قال الشيخ في التعليقات : « إنّ الأوّل لا يتكثّر لأجل تكثّر صفاته ، لأنّ كلّ واحد من صفاته إذا حقّقت تكون عين الصفة الأخرى بالقياس إليه ، فتكون قدرته حياته وحياته قدرته وتكونان واحدة ، فهو حيّ من حيث هو قادر وقادر من حيث هو حيّ ، ـ وكذلك الحال في سائر صفاته » ـ (١). قال بعض العرفاء : ومشيته ـ تعالى ـ قدرته وما يدركه بصفة يدركه بجميع الصفات ، إذ لا اختلاف هناك.
ثمّ صفاته ـ تعالى ـ منها حقيقية كمالية ـ كالجود والقدرة والعلم ـ ، وهي لا تزيد على ذاته ، بل عين ذاته بمعنى انّ ذاته من حيث حقيقته مبدأ لانتزاعها عنه ومصداق لحملها عليه ، ويطابق الحكم بها عليه بلا ملاحظة أمر آخر زائد عليه قائم به أو منتزع عنه ، بل حيثية ذاته ـ تعالى ـ هي بعينها حيثية جميع صفاته الكمالية ، فليس الواجب ـ سبحانه ـ بسبب اطلاق تلك الصفات على ذاته ذا معان متميزة يسمّى بهذه الأسماء المختلفة ، بل هو ـ سبحانه ـ يستحقّ لاطلاق هذه الأسماء لا بحيثية أخرى وراء احدية ذاته.
ومنها اضافية محضة ـ كالمبدئية والمبدعية والخالقية والرازقية وأمثالها ـ. وهذه الصفات زائدة على ذاته متأخّرة عنه وعن ما اضيف بها إليه ، لأنّ الاضافات لا يمكن أن يكون عين الحقائق المتأصّلة ، فكيف يكون عين ما هو أصل الحقائق ومنبع الذوات؟!. ولا يخلّ بوحدانيته كونها زائدة عليه ، فانّ الواجب ـ تعالى ـ ليس كماله ومجده بنفس هذه الصفات الاضافية ، بل بكونه في ذاته بحيث ينشأ منه هذه الصفات. وهو إنّما هو كذلك بنفس ذاته ، فانّ كماله ليس إلاّ بذاته لا غير.
ومنها سلبية محضة ـ كالقدوسية والفردية والازلية وغيرها ـ والاتصاف بها يرجع إلى سلب الاتصاف بصفات النقص. وصفاته الحقيقية لا يتكثّر ولا يتعدّد ولا اختلاف فيها إلاّ بحسب التسمية ، بل يكون كلّها معنى واحدا وحيثية واحدة هي بعينها حيثية الذات ، فانّ ذاته بذاته ـ تعالى ـ مع كمال فردانيته يستحقّ هذه الاسماء
__________________
(١) قريب منه يوجد في التعليقات ، ص ١٨١.