لا بحيثية أخرى وراء حيثية ذاته ، كما قال المعلم الثاني : وجود كلّه وجوب كلّه علم كلّه قدرة كلّه / ١٩١ DB / حياة كلّه ، لا أنّ شيئا منه أو جهة منه علم وشيئا آخر أو جهة منه قدرة ليلزم التركيب في ذاته المقتضي للاحتياج إلى الاجزاء المنافي لوجوب الوجود ، ولا أنّ شيئا فيه علم وشيئا آخر فيه قدرة ليلزم التكثّر في صفاته الحقيقية ويكون محلاّ للأعراض ممكن الاتصاف بها ، بل حيثية ذاته وهويته البسيطة الّتي لا تكثّر ولا امكان فيه أصلا هي بعينها حيثية صفاته الحقيقية. نعم! ، في التعبير عنها تغاير وترتّب بمحض اعتبار الذهن وملاحظة العقل لا بحسب الخارج. فكما انّه من حيث هو منشئا للآثار وجود كلّه كذلك من حيث هو منشئا لانكشاف الأشياء علم كلّه ومن حيث هو منشئا لصحّة الفعل والترك قدرة كلّه ومن حيث هو مبدأ لرجحان فعل القائم ـ أعني : النظام الأكمل والأصلح بحال العالم بل وجوب صدوره عنه ـ إرادة كلّه ـ وقس عليها غيرها ـ ؛ وجميعها راجعة إلى حيثية وجوده الّتي هي عين حيثية ذاته.
وأمّا صفاته الاضافية فهي أيضا لا يتكثّر معناها وان كانت زائدة على ذاته ؛ وكذا صفاته السلبية ، فانّ اضافاته إلى الأشياء وان تعدّدت اساميها واختلفت لكن كلّها يرجع إلى معنى واحد واضافة واحدة هي قيوميته الايجابية للأشياء يصحّح جميع الاضافات / ١٨٩ MB / ـ كالرازقية والخالقية والمصورية وغير ذلك ـ ، وتغايرها بتغاير الأشياء المضاف إليها. وترتّبها حسب ترتّبها ؛ كترتب مبدئيته لها ، فمبدئيته بعينها رازقيته وبالعكس ، وهما بعينهما رحمته ولطفه وبالعكس.
وصفاته الاضافية وإن كانت ذات أسام مختلفة لكنّها ليست معانى مختلفة وإلاّ لوجب اختلاف حيثيات في ذاته ـ تعالى ـ ، فيتكثّر ذاته الأحدية بها ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ. والتعدّدات والتجدّدات الواقعة فيها إنّما هي بالقياس إلى الأشياء المتعلّقة بها المتعدّدة أو المتجدّدة في أنفسها وبقياس بعضها إلى بعض لا بقياسها إلى بارئها القيوم ـ جلّ ذكره ـ ؛ كما قيل : « ليس عند ربّك صباح ولا مساء » ، أي : نسبة الواجب ـ تعالى ـ المتعالى عن وصمة التغيّر إلى جميع الامور المتجددة المتعاقبة نسبة واحدة ومعية قيومية غير زمانية.