للعرف واللغة.
ثمّ انك قد عرفت فيما تقدّم بأنّه يمكن أن يرجع القول بالنيابة إلى القول بالفردية ، بأن يقال : المراد من قولهم : « انّ ذاته ـ تعالى ـ نائب مناب جميع الصفات » انّ ذاته بالنسبة إليه ـ سبحانه ـ بمنزلة ما يقوم بنفوسنا من القوى والصور الزائدة العرضية بالنسبة إلينا ، فكما انّ الصورة الحاصلة في الذهن فرد من العلم بالمعنى الحقيقي ـ أي : بمعنى ما يحصل به الانكشاف ـ والقوّة القائمة بالنفس المصحّحة للفعل والترك فرد من القدرة بالمعنى الحقيقي ـ أي : بمعنى ما تحصّل به القدرة بالمعنى الاضافي الاعتباري ـ فكذلك ذاته ـ سبحانه ـ فرد للعلم والقدرة بالمعنى المذكور ؛ فاطلاق النيابة إنّما هو إذا اعتبر بالنسبة إلينا. ولو لم يحمل القول بالنيابة على ذلك وبني على ما هو الظاهر منه ـ من أنّ ذاته ليس فردا من الصفات بالمعنى الحقيقي ـ كان قولا ظاهر البطلان! ، لأنّ المعنى الحقيقي للعلم هو ما ينكشف به الأشياء ، فإذا كان ذاته بحيث ينكشف به الأشياء من دون مدخلية شيء آخر فما الباعث حينئذ في عدم كونه فردا من مطلق ما ينكشف به الأشياء؟! ، وما السبب في عدم اطلاق هذا العلم بهذا المعنى عليه؟! ؛ وقد عرفت انّ اللغة لا مدخلية له في المباحث العقلية ، مع انّ منع اللغة للفردية وعدم الإطلاق ممنوع ـ كما لا يخفى على العارف ـ.
ولا يقال : إنّ المراد من القول بالنيابة انّ ذاته ـ سبحانه ـ نائب مناب الصفات بالمعنى الاضافي الاعتباري ، إذ لا ريب في أنّ العلم بمعنى الانكشاف مثلا لا يطلق على ذاته ـ سبحانه ـ وليس ذاته فردا من الانكشاف ، لأنّ ذاته حقيقة خارجية بل هو محقّق الحقائق والانكشاف أمر اعتباري وكذا الحال في سائر / ١٩٣ DB / فرد من الانكشاف مثلا ، لأنّ هذا لا معنى له ، فانّ انكشاف الأشياء لا يمكن أن يكون له فرد قائم بذاته ، بل هو يكون ثابتا لشيء البتّة. وأيضا حقيقة الانكشاف ثابتة له ـ تعالى ـ كما هو ثابت لغيره ـ سبحانه ـ ، فلا معنى لكون ذاته نائبا عنه ، وكون حقيقته ثابتا لغيره. وأيضا النيابة إنّما تكون في ترتّب الأثر ، والأثر إنّما هو الصفات الاضافية ـ كالانكشاف وغيره ـ ، فإذا كان الانكشاف في غير الواجب أصل العلم وحقيقته وكان