الواجب عين ذاته دون غيره ـ كما هو مذهب الحكماء والمعتزلة ـ ، لأنّ الصفة بمعنى الخارج المحمول مواطاة عين في الواجب والممكن بهذا المعنى المذكور بلا تفاوت ؛
وأمّا ثالثا : فلأنّكم لمّا اعترفتم بأنّ مبدأ اشتقاق كلّ صفة محمولة عليه غير قائم به ـ تعالى ـ فيلزمكم الاعتراف بأنّ ذاته ـ سبحانه ـ بذاته منشئا ومناط للآثار والمعاني الاضافية المترتبة على الصفات الزائدة ، فيرجع ما ذكرتم إلى أحد المذهبين الأوّلين ، إذ لو قلتم بعدم منشئية ذاته ـ سبحانه ـ لها لزمكم القول بعدم انكشاف الأشياء له ـ تعالى ـ أصلا وبعدم تمكّنه على ايجاد الأشياء وهكذا ، فيلزم نفي جميع الصفات الكمالية وآثارها المترتّبة عليها عنه ـ تعالى ـ ؛ وهو كفر وزندقة عقلا وشرعا ؛
وأمّا رابعا : فلانّه يعتبر في الخارج المحمول أن لا يكون محمولا ذاتيا للموضوع وإلاّ لم يكن خارجا ، والمعبّر عنه بمفهوم الموجود والعالم والقادر والمريد ـ وغيرهما من الصفات الكمالية ـ يكون ذات الواجب ـ جل شأنه ـ بمحض ذاته مع قطع النظر عن جميع ما عدا ذاته ، ولا احتياج في ثبوت هذه المفهومات له ـ تعالى ـ إلى حيثية تقييدية ولا إلى حيثية تعليلية ، فيكون ثبوتها له ـ تعالى ـ ضرورية ذاتية ، فيكون نسبتها إلى ذات الواجب نسبة الذاتي وإذا كانت نسبتها نسبة الذاتي فلا يصحّ القول بكون شيء منها خارجا محمولا ، بل الجميع محمولات ذاتية غير خارجة.
تتميم
ذهب جماعة إلى أنّ كلّ ما يوصف به ـ تعالى ـ من الصفات الحقيقية والاضافية والسلبية اعتبارات يحدثها عقولنا عند مقايسة ذاته ـ سبحانه ـ إلى الغير من غير أن يكون موجودة له ـ سبحانه ـ في نفس الأمر فالصفات بأسرها منفية عنه ـ سبحانه ـ ولا يتصف بشيء منها في الواقع ونفس الأمر ، إذ الاتصاف بشيء منها في نفس الأمر يوجب النقص والتركيب / ١٩٤ DA / والتكثّر ، فكمال معرفته نفي الصفات عنه وذلك هو التوحيد المطلق والاخلاص المحقّق الّذي هو نهاية العرفان وغاية سعى العارف من كلّ حركة حسّية وعقلية. وما يكون في نفس الأمر من غير تعقّل نقص فهو