ذلك أيضا نقصا في حقّه ـ ، فانّ العقل إذا كان معزولا في معرفته بالكلّية لم يكن له الحكم بذلك أيضا. وإن كان مراده انّ معنى الحديث إنّ بعض ما هو الأشرف يمكن لنا تعقّله فيجب أن نحكم بثبوته له ـ تعالى ـ في الواقع ولكن بعض آخر من الصفات وعدمها أو نحو اتصافه بها ممّا لا يمكن لنا تعقّل اشرفيته في الواقع وان حكم عقولنا ظاهرا بالأشرفية ، مثل انّا نعلم انّ هذه الصفات الكمالية المشهورة من الطرف الأشرف له وعدم كونها زائدة بل كونها عينا له أيضا من الطرف الأشرف في الواقع ، إلاّ انّا لا نعلم انّ العينية الّتي هو الأشرف في الواقع حقيقته ما ذا؟ ، وانّ كون تلك الصفات على الكمال الأتمّ الّذي لا يتصوّر أتمّ وأقوى وأكمل منه كما يليق بجناب قدسه كيف هو؟ ؛
ففيه : انّ ذلك مسلّم ونحن نقول به ، إذ المعقول لنا انّ تلك الصورة الكمالية ثابتة له ـ تعالى ـ مع عينيتها له ـ سبحانه ـ ، إلاّ انّ حقيقة تماميتها وكونها فوق التمام ـ كما يليق بجناب كبريائه ـ فغير معقولة لنا بكنهها كذاته ـ سبحانه ـ ، إلاّ انّ ذلك لا ينافي علمنا بعينيتها له في الواقع ونفس الأمر.
ويمكن أن يحمل قول القائلين بنفي الصفات عنه ـ تعالى ـ على هذا ؛ وحينئذ فيكون صحيحا ؛ فتأمّل.
اعلم! ، أنّ المحقّق الطوسي قال في شرح رسالة العلم : « المستند في اثبات حياته ـ تعالى ـ انّ العقلاء قصدوا وصفه ـ تعالى ـ بالطرف الأشرف من طرفي / ١٩٥ DA / النقيض ، ولمّا وصفوه بالعلم والقدرة ووجدوا انّ كلّ ما لا حياة له يمتنع الاتصاف بها وصفوه ـ تعالى ـ بالحياة ، لا سيّما وهو أشرف من الموت ـ الّذي هو ضدّها ـ. ونعم ما قال عالم من أهل بيت النبوّة ـ عليهمالسلام ـ : هل يسمّى عالما وقادرا ـ ... إلى آخر الحديث الّذي نقلناه عن ابى جعفر الباقر عليهالسلام ـ » (١).
ومراد المحقّق ـ كما قيل ـ : انّ طريق اثبات الحياة وغيرها من الصفات الكمالية للواجب ـ تعالى ـ عند العقلاء هو ان ينظروا إلى اشرف طرفي النقيض ـ أي : الّذي هو كمال للموجود بما هو موجود ـ ، ثمّ اثبتوه له ـ تعالى ـ ، فانّهم يقولون : انّ الواجب
__________________
(١) راجع : رسالة شرح مسئلة العلم ، المسألة الخامسة عشرة ، ص ٤٣.