ـ تعالى ـ ينبغي أن يكون صرف الوجود التامّ المبرّى عن كلّ قصور ونقصان ، فانّه إذا كان أحد طرفي النقيضين أشرف من الآخر ويكون كمالا للموجود المطلق من غير لزوم فقر ونقصان لجاز أن يكون للواجب ـ تعالى ـ ، وكلّما يجوز له ـ تعالى ـ بالامكان العامّ يجب ـ وإلاّ يلزم عدم الواجب بهذا الوجه ، وهو مناف للوجوب الذاتى الرافع لجميع انحاء العدم والبطلان عن ذاته ـ. مثلا ينظرون إلى الوجوب المنقسم إلى الوجوب بالذات وإلى الوجوب بالغير ، وكذا إلى العلم المنقسم إلى العلم التامّ المحيط بكلّ شيء من غير مدخلية تأثير الغير فيه وإلى العلم الناقص المستفاد من الغير المفقود بالنظر إلى ذات العالم ، ويحكمون بانّ الوجوب الذاتي وكذا العلم الذاتى بالقياس إلى الموجود بما هو موجود لا يوجبان النقص والعدم وهما ثابتان له ـ تعالى ـ ، بخلاف الغيري منهما ـ فانّهما معدومان مع قطع النظر عن تاثير الغير فيهما ، فلا يصلحان ان يثبتا للواجب سبحانه ـ.
وبهذا يندفع الايراد عليه بأنّه لو كان الأمر كذلك من اثبات اشرف طرفي النقيضين له ـ تعالى ـ يلزم اثبات الحسّ والحركة والذوق وغيرها له ـ تعالى ـ ، لأنّها أشرف من طرفها المقابل لها ؛
ووجه الاندفاع : انّ هذه ليست من الكمالات للموجود المطلق ، بل للموجود المقيد المخصّص بالاستعداد لنوع خاصّ من الموجود الناقص ، وغرض المحقّق عن ايراد كلام الامام ـ عليهالسلام ، وهو قوله : « هل يسمّى عالما وقادرا إلاّ لأنّه وهب العلم » إلى العلماء إلى آخر ما نقل ـ : ان العقلاء مكلّفون إلى معرفته ـ تعالى ـ بالصفات الكمالية على وجه التنزيه عن النقائص والامكان وأن يثبتوا له ـ تعالى ـ مثلا العلم التامّ وكذا القدرة الكاملة الذاتية وكذا الإرادة الذاتية وغيرها من الصفات خارجة عن جنس ما نعقله نحن ، لأنّ كلّما حصل في المدرك ـ بل في عالم الامكان والتقييد ـ فهو راجع إلينا في كونه ممكنا محتاجا ، فلا يصلح أن / ١٩٣ MA / يكون له ـ تعالى ـ ، بل ينبغى ان يجعلوها من حيث انّها مدركة وعنوان للأمر اللائق بجنابه ـ تعالى ـ فما ندركه نحن له جهتان : جهة انّه مدرك لنا ، وهو بهذه الحيثية لا يليق به ـ تعالى ـ ، بل هو مثل الزبانيتين المثبتين له ـ تعالى ـ بالنسبة إلى النملة المستكملة بهما الحاكمة بنقص من فقد عنهما ؛