بالاعتبار. ونسبتها إلى العلم والقدرة ـ أعني : صحّة الفعل والترك ـ كنسبة القدرة إلى الفعل والترك ، بمعنى انّه كما انّ صفة القدرة مثلا ـ أعني : صحّة الفعل والترك ـ منشئا لهما فكذا صفة الحياة ـ أعني : صحّة العلم والقدرة ـ منشئا لهما ، والمنشأ الّذي هو حقيقة الكلّ ليس إلاّ ذاته ـ سبحانه ـ.
وأمّا الحياة في الحيوان فقد عرفت انّها صفة تقتضي الحسّ والحركة ، وينبغى أن تكون هذه الصفة مغايرة للحسّ والحركة ولقوّة التغذية أيضا. واستدلّ الشيخ في القانون على مغايرتها لهما بأنّ العضو المفلوج حيّ وإلاّ لتعفّن وليس فيه الحسّ والحركة الارادية ؛ وعلى مغايرتها لقوّة التغذية بأنّ العضو الزائل حيّ وليس بمتغذّ.
وأورد على الأوّل : بأنّ العضو المفلوج ليس مسلوب الحسّ بالكلّية ؛
وعلى الثاني : بأنّه يجوز أن تكون قوّة التغذية في العضو الزائل ضعيفة بحيث تكون تغذيتها أقلّ من التحلّل ، فلذلك يظهر الذبول.
وقيل : لو استدلّ على الأوّل بالعضو المنحدر لكان أتمّ.
وفيه : إنّ ما أورد على العضو المفلوج قائم هنا أيضا ، فانّه يمكن أن يقال : انّ العضو المنحدر ليس مسلوب الحسّ والحركة بالكلّية ، فكلّ واحد منهما فيه غير تمام لا أنّه غير حاصل بالتمام.
وغير خفي بأنّ الإيرادين المذكورين موجّهان على طريقة البحث والنظر. والبيان الّذي أورده غياث الحكماء ـ في شرح اثبات الواجب لأبيه ـ لدفعهما ليس بتمام. إلاّ أنّه قال بعضهم : انّه يعلم وجود الحياة في العضو المفلوج بدون قوّة الحسّ والحركة بالبداهة أو الحدس. قال صاحب المقاصد : الحقّ ان مغايرة المعنى المسمّى بالحياة للقوّة الباصرة والسامعة وغيرهما من القوى الحيوانية ممّا لا يحتاج إلى بيان ، والغرض انّ الروح الحيواني هو جسم لطيف بخاري يتكوّن من لطافة الأخلاط وينبعث من التجويف الأيسر في القلب ويسري في البدن بسريان عروق نابتة من القلب يسمّى بالشرائين هي محلّ الروح ، وهذا الروح حامل لقوى الحسّ والحركة والحياة. وقد علم بالحدس انّ الحياة غير الحسّ والحركة ، لأنّ زوال الحياة مستلزم للنقص وزوال الحسّ والحركة