( الفصل الرابع )
( في اثبات إرادته ـ سبحانه ـ )
اعلم! أنّه اتّفق أهل الملّة وأرباب الحكمة على أنّه ـ سبحانه ـ مريد. وقد استدلّ الأشاعرة على وجوب كونه مريدا بأنّ تخصيص بعض الممكنات بالوقوع دون البعض في بعض الاوقات دون البعض مع استواء نسبة الذات إلى الكلّ لا بدّ أن يكون لصفة شانها التخصيص ـ لامتناع التخصيص بلا مخصّص وامتناع احتياج الواجب في فاعليته إلى امرّ منفصل ـ ؛ وتلك الصفة هي المسمّاة بالارادة.
وحاصل هذا الاستدلال أنّ ذات الواجب باعتبار القدرة لا يكفي في الايجاد والتأثير ، لأنّ الذات باعتبار القدرة يكون نسبته إلى الفعل والترك وكذا إلى الضدّين متساوية ـ لأنّ القدرة هى صحّة الفعل والترك ـ. / ١٩٦ DA / وكذا مطلق العلم يتعلّق بالطرفين وبالضدين ، فنسبته إلى الطرفين والضدّين على السواء ، فالعلم المطلق أيضا لا يمكن أن يكون مخصّصا ، فلا بدّ من أمر آخر لتخصيص أحد الطرفين وأحد الضدّين ، وذلك الامر الآخر المخصّص لأحد الطرفين هو الإرادة.
ويرد على هذا الاستدلال : إنّ الصفة الّتي هي الإرادة كما يمكن تعلّقها بأحد الضدين يمكن تعلقها بالضدّ الآخر أيضا ، فالتعلّق بأحدهما دون الآخر إمّا أن لا يحتاج إلى مخصّص ، فيلزم الترجيح بلا مرجّح مع لزوم عدم الاحتياج إلى الإرادة حينئذ رأسا لكفاية القدرة حينئذ في الايجاد والتأثير نظرا إلى مساواة الإرادة لها في استواء نسبتها إلى