والجبائية على أنّها صفة زائدة قائمة بغير محلّ ؛
والكرامية على أنّها صفة حادثة قائمة بالذات ؛
وبعضهم على أنّها صفة سلبية بمعنى كون الفاعل غير مكره وغير ساء ؛
والكعبى على أنّ إرادته لفعله ـ تعالى ـ هو علمه به ، ولفعل غيره هو الأمر ؛
والمحقّق الطوسي وجمع من رؤساء المعتزلة على أنّها هي العلم
الخاصّ بما في وجود المخلوقات من المصالح الراجعة إليهم ـ أي : العلم بالنفع ، وهو الداعي ـ ؛
والفلاسفة علي انها هي العلم بنظام الكلّ على الوجه الاتمّ الاكمل.
ثمّ بطلان مذهب الأشاعرة ومن يقربهم من الجبائية والكرامية في غاية الظهور ؛
أمّا أوّلا : فلبطلان كون صفاته ـ سبحانه ـ زائدة على ذاته قائمة بها ـ للزوم التركّب والتكثر والنقص والافتقار ـ ؛
وأمّا ثانيا : فلأنّ الإرادة وإن كانت قديمة عند الأشاعرة إلاّ أنّ تعلّقها حادث ، ففي تعلّقها بأحد الطرفين أو الضدّين لا بدّ له من مرجّح سوى الإرادة ـ كما عرفته مرارا ـ. والأشاعرة قالوا : لا حاجة إلى مرجّح في هذا التعلّق ـ لأنّ ترجيح الفاعل المختار بلا مرجّح جائز ، انّما المحال الترجّح بلا مرجّح ـ. وأنت قد عرفت فساد هذا القول ، فانّ الإرادة وإن كانت كافية لترجيح نفس الفعل لكن تعلّقها به لا مرجّح له ؛ ولذا إن سئل : لم اردت هذا الطرف دون الطرف الآخر لم يحر جوابا / ١٩٤ MA / ولم يستطع أن يقول : لأني أردته!. على أنّ الترجّح بلا مرجّح مستلزم للترجيح بلا مرجّح ، لأنّ الترجيح لا ينفكّ عن الترجّح ـ يقال : رجّحته فترجّح ، فانّ التفعّل مطاوع فعل ـ ؛ فاذا كان الأصل ـ أعني : الترجيح ـ بلا مرجّح كان المطاوع ـ أعني : / ١٩٦ DB / الترجّح ـ أيضا كذلك. على أنّ معنى الترجّح بلا مرجّح هو اختيار الفعل لأحد الطرفين مع تساوي نسبته إليهما ، ونحن نقول مع تساوي نسبة الطرفين إلى إرادة الفاعل إذا تعلّق إرادته بأحدهما من غير سبق إرادة اخرى بكون مرجّح لحدوث الإرادة الأولى يكون حدوث هذه الإرادة ترجّحا بلا مرجّح لا ترجيحا بلا مرجّح لأنّ الإرادة شيء من الأشياء موجود من