ليست زائدة على الداعي دون القدرة وباقي الصفات المذكورة. والحاصل : إنّ الكلام في الصفات المتغائرة بالاعتبار ، وهو لا ينافي عينية الكلّ للذات ـ تعالى شأنه ـ. ولا يلزم أن يكون البحث عن الصفات واثباتها ونفيها على مذهب العينية لغوا محضا ، فلا بدّ للمستدلّ من اثبات أنّ الإرادة ليست مغايرة للداعى بالاعتبار أيضا وليست اعتبارا آخر للذات سوى الداعي.
فحاصل الايراد المذكور على الدليل المذكور : إنّ ما ذكر من التسلسل أو تعدّد القدماء يلزم على زيادة الإرادة على الذات ، فيدلّ على عينيتها للذات دفعا للمفسدة ، ولا يلزم منه أن يكون عين الداعي كما لا يلزم من عينية الصفات للذات أن يكون بعضها عين بعض حتّى لا يتعدّد الصفات بالاعتبار أيضا. والحاصل إنّ عينية الداعي للذات بحسب الواقع والخارج لو كان منشئا للحكم بأنّ الإرادة عين الداعي كذلك يوجب الحكم بانّها عين القدرة والتكلّم والحياة وغيرها كذلك ، لأنّ جميعها عين الذات في الخارج وإن كانت متغايرة ومغايرة للذات بالاعتبار ، فالتخصيص تحكّم!.
وإن قيل : المراد إنّ الداعي عين الذات بحسب الاعتبار أيضا بمعنى أنّه لا تغاير بينهما ولو بحسب الاعتبار ، والإرادة أيضا عين الداعي كذلك ـ أي : لا تغاير بينهما ، لا في الخارج ولا في الاعتبار ـ.
قلنا : هذا بديهى البطلان! ، لأنّ التغاير الاعتباري بين الذات والداعي وبين الإرادة والداعي ممّا لا يمكن أن ينكره عاقل. على أنّه لو صحّ هذا القول لصحّ اجرائه في باقي الصفات بالنسبة إلى الذات وبنسبة بعضها إلى بعض أيضا ، فالتخصيص تحكّم باطل!.
وأجيب عن هذا الردّ : بأنّ الداعي كالارادة عين الذات عند المحقّق ، فمراده من قوله : إنّ الإرادة عين الداعي : أنّها عين الذات وحينئذ يتمّ الدليل ، لأنّ المورد معترف بانّ الدليل تمام على تقدير اجرائه على عينية الإرادة للذات. للداعى ايماء إلى أنّ علمه ـ تعالى ـ بصلاح نظام العالم وبمنافع الغير وترتيب الخير ـ المسمّى بالداعي ـ هو نفس الإرادة المرجّحة لأحد طرفي المقدور ، وهذا ممّا لا يحتاج إلى دليل. وما ذكر ليس دليلا