لذلك ، بل هو دليل لعينية الإرادة للذات. وحينئذ لا يرد على المحقّق ومن تابعه إنّ عينية الداعي للذات لو كان موجبا لعينية الإرادة له يلزم عينية جميع الصفات الحقيقية بعضها للبعض ـ كعينية القدرة للارادة وعينية السمع للكلام بمعنى التكلّم ، الّذي هو أيضا عين ذاته وإن كان الكلام بمعنى المؤلّف من الحروف والاصوات زائدا على ذاته تعالى ـ. وخلاصة هذا الجواب : إنّ مراد المحقّق وغيره ممّن استدلّ بهذا الدليل على بيان عينية الإرادة للذات لا للداعي حتّى يرد أنّ الفساد اللازم من هذا الدليل ـ أعني : التسلسل وتعدّد القدماء ـ يلزم على تقدير كون الإرادة زائدة على الذات وإن كانت عينا للداعي ، وإن وقع ذلك بأنّ الداعي عند المحقّقين عين الذات ، فالمقصود إنّ الإرادة عين الذات أيضا.
وردّ عليه حينئذ أنّ جميع الصفات كذلك ، فتخصيص هذا الحكم بالارادة تحكّم!. وأمّا إذا كان المراد بيان مجرّد عينية الإرادة للذات دون الداعي فلا يرد شيء ممّا ذكر ، غاية ما في الباب إنّه عبّر عن الذات بالداعي للنكتة المذكورة.
وأنت تعلم أنّ هذا الجواب ليس / ١٩٧ DB / بشيء ، لأنّ لبيان عينية الصفات للذات ـ سواء كانت إرادة أو غيرها ـ مبحثا على حدة ؛ وقد اشار المحقّق أيضا بعد ذلك إلى عينية جميع الصفات ، فتخصيص عينية الإرادة حينئذ هنا بالذكر لا وجه له. على أنّ المحقّق وغيره ممّن استدلّ بهذا الدليل مذهبهم أنّ الإرادة عين الداعي ، فلا بدّ لهم من اقامة برهان على ذلك ، فلو لم يجعل هذا الاستدلال برهانا على ذلك لنفي مذهبهم هذا يكون مجرّد دعوى من دون حجّة لاثباته.
وما اشار إليه المجيب المذكور من : « أنّ عينية الإرادة لعلمه ـ تعالى ـ بصلاح نظام الخير لا يحتاج إلى دليل لظهوره » في غاية الوهن والضعف! ، لانّه إن كان مراده من العينية هو العينية الشاملة للعينية بحسب الاعتبار والمفهوم أيضا فبطلانه لا يحتاج إلى بيان ، لأنّا نعلم بديهة أنّ الإرادة مغايرة بحسب الاعتبار للعلم بالاصلح ؛ وإن كان مراده من العينية هو العينية بحسب الخارج دون الاعتبار فجميع صفات الواجب عين ذاته بهذا المعنى وبعضها عين البعض الآخر كذلك ، فاذا لم يحتج عينية الإرادة منها للداعي لم يحتجّ عينية الإرادة وغيرها من الصفات للذات أيضا إلى دليل. وممّا يدلّ على أنّ حكم المحقّق